الأخبار السياسية

قذيفتان على إسرائيل لتفجير حرب على الحدود

Reading Time: 1 minute

عنب بلدي – موفق الخوجة

صعّدت إسرائيل مجددًا قصفها في سوريا بعد أن خفّت وتيرة القصف الإسرائيلي وحملات التوغل، خلال الأسبوعين الماضيين، بعد حديث عن مفاوضات مباشرة وغير مباشرة مع الحكومة السورية.

قذيفتان خرجتا من الجانب السوري، في 3 من حزيران الحالي، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، إنهما أطلقتا من بلدة تسيل، بريف درعا الغربي، وسقطتا على هضبة الجولان المحتل، دون أن تحدثا إصابات أو تسفرا عن خسائر مادية، بحسب صحيفة “هارتس” الإسرائيلية، أعقب ذلك قصف إسرائيلي على ريف درعا الغربي بعدد من القذائف على فترات متقطعة.

وأفاد مراسل عنب بلدي في درعا حينها، أن بلدة تسيل شهدت قصفًا إسرائيليًا بأربع قذائف على الشارع الرئيس الذي يربطها ببلدة سحم بريف درعا الغربي.

وترافق القصف الإسرائيلي مع تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي المسيّر فوق المنطقة، ولم يسفر الاستهداف عن أي أضرار مادية أو بشرية.

وبحسب مراسل درعا، فإن القصف الإسرائيلي لم يستهدف بلدة تسيل فقط، إذ شهدت بلدة كويا بريف درعا الغربي قصفًا بقذيفتين استهدفتا الأراضي الزراعية غربي البلدة، ولم تسفرا أيضًا عن إصابات أو أضرار مادية.

جهتان تبنّتا

تبنّت جهتان إطلاق الصواريخ من الجانب السوري على إسرائيل، الأولى كانت من قبل ما سمي بـ”كتائب الشهيد محمد الضيف” نسبة إلى القائد العسكري السابق لـ”حركة المقاومة الإسلامية” (حماس)، الذي قتل بغارة إسرائيلية العام الماضي في غزة، خلال الحملة الإسرائيلية على القطاع، التي أعقبت معركة “طوفان الأقصى” التي انطلقت في 7 من تشرين الأول 2023.

“كتائب محمد الضيف” تمتلك معرفًا على منصة “تلجرام” أنشئ في 25 من نيسان الماضي، وقالت في بيان تأسيسها، في 31 من أيار الماضي، إنها ليست حزبًا ولا تنظيمًا، ووصفت نشاطها بـ”الفعل الثوري المقاوم” معلنة انطلاقها من “قلب فلسطين المحتلة”.

الجماعة لم تشر إلى نشاط لها من داخل سوريا، لكنها قالت في بيان تأسيسها، “أينما كنتم ستجدوننا هناك، نقاتلكم بكل ما نملك”، ما يحمل تهديدًا لإسرائيل باستهدافها في كل نقاط وجودها.

وفي 3 من حزيران، نشرت “كتائب محمد الضيف” مقطعًا مصورًا، قالت إنه لسقوط قذيفتين على أرض الجولان المحتل، دون أن تضيف تفاصيل أخرى أو تعقبه ببيان، إلا أن أحد قيادييها قال لقناة “الجزيرة” القطرية عقب الاستهداف، إن “عملياتنا ضد الاحتلال الإسرائيلي رد على المجازر في غزة، ولن تتوقف حتى يتوقف قصف المستضعفين” في القطاع.

في ذات اليوم، خرج ما يسمى بـ”جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا” (أولي البأس) بمقطع مصور يظهر صاروخين مثبتين على قواعد أرضية، يُعتقد أنهما نفس الصواريخ التي سقطت على منطقة الجولان المحتل، دون أن تورد الجماعة تفاصيل أخرى مرفقة مع المقطع.

وفي 4 من حزيران، طل المتحدث باسمها، “أبو القاسم”، ببيان صوتي مرفق بصورة لعناصر عسكريين ملثمين، يحمل أحدهم علم النظام السوري السابق ذا اللون الأحمر، للتعليق على إطلاق الصواريخ وتبنّيه.

وعزا “أبو القاسم” سبب إطلاق الصواريخ إلى الغارات المتكررة على سوريا، وإلى “المجازر المتواصلة” التي ترتكبها إسرائيل في فلسطين ولبنان واليمن، في ظل ما أسماها “موجة التطبيع الخائنة التي تسلكها حكومة الأمر الواقع في سوريا”.

وقال إن الاستهداف “رد حقيقي” من أرض سوريا، ومن واجب الدفاع ورد الاعتبار وإعادة صياغة قواعد الاشتباك، معتبرًا أن الصواريخ لم تطلق عبثًا ولم تكن رسالة عاطفية أو ارتجالية، بل جاءت بعد رصد ودراسة، مهددًا بأن من “يحاول تجريد سوريا من هويتها المقاومة سيجد الصواريخ وغيرها من الوسائل، تذكره بأن في الأرض رجالًا ذوي بأس شديد”، وفق تعبيره.

وحول الرد الإسرائيلي على الصواريخ التي انطلقت من سوريا، قال “أبو القاسم”، إنه لم يكن مفاجئًا، لأنهم (أولي البأس) يعلمون طبيعة “العدو” وآلية عمله ويقرؤون ردود فعله، معتبرًا أن الضربة لن تكون إلا دافعًا للمزيد من التحضير.

واعتبر أن ما جرى كان “اختبارًا” لطبيعة قراءة نقاط الضعف والقوة التي يبني عليها “العدو” (إسرائيل) منظومته العسكرية، ليُبنى على النتائج المزيد من المراحل الجديدة من التصعيد المدروس، مؤكدًا في الوقت ذاته، أنهم لا يسعون إلى حرب شاملة، لكنه توعد بما أسماها معركة “وعد الآخرة”.

ثلاث رسائل

حمل بيان “أبو القاسم” ثلاث رسائل، توجه بالأولى إلى السوريين، وطالبهم بالعون لـ”أولي البأس” مذكرًا بما أسماها مقاومة “المحتل العثماني والفرنسي” ومطالب الحرية والكرامة، في إشارة إلى فترة الثورة السورية.

وتوجه “أبو القاسم” في رسالته الثانية إلى ما أسماها “حكومة الأمر الواقع بدمشق”، وقال إن “14 عامًا من المطالبة بالحرية، والدماء التي سالت من أجل حرية سوريا، وتلك الثورة التي طالبتم بها، اليوم انحرفت عن طريقها”.

واعتبرها “مشروعًا انهزاميًا” يطالب التطبيع مع الكيان الصهيوني مقابل بعض الامتيازات الشخصية والمعنوية.

ودعا، في الوقت ذاته، من وصفهم بـ”المجاهدين الحقيقيين” للعودة إلى الدين وطريق الجهاد “الحقيقي”.

الرسالة الثالثة كانت موجهة إلى إسرائيل، وأتباع “أمريكا وتركيا”، وتحمل لغة تهديد ووعيد، ووصف الحكومات التي طبّعت مع إسرائيل، بـ”فئة أضلت الطريق”.

من “أولي البأس”

أول ظهور لـ”أولي البأس” على منصة “تلجرام” كان في 9 من كانون الثاني الماضي، تحت اسم “جبهة تحرير الجنوب” وحملت منشوراتها الأولى تهديدًا للوجود الإسرائيلي جنوبي سوريا، في ظل ما اعتبرته عدم وجود “بيان واضح من الحكومة الجديدة في الدولة السورية”.

ونفت “جبهة تحرير الجنوب” تبعيتها لأي طرف أو جهة أو دولة، أو ارتباطها بأي تنظيم أو حزب سياسي داخلي أو خارجي، وظلّ نفيها لأي تبعية حتى بعد تعديل اسمها إلى “أولي البأس”، في 11 من كانون الثاني الماضي.

تبنّت “أولي البأس” عدة عمليات جنوبي سوريا، أبرزها صدّ توغل إسرائيل بين بلدتي تسيل ونوى بريف درعا الغربي، والذي أوقع تسعة شبان قتلى من سكان المنطقة.

قياديون وسكان في درعا نفوا حينها لعنب بلدي، وجود أي تحرّك منظم ضد الوجود الإسرائيلي في المنطقة، وقالوا إن ما حدث كان ردّ فعل شعبيًا.

في الأسبوع الأول من أيار الماضي، كثّفت “أولي البأس” من نشاطها السياسي والتنظيمي، معلنة انعقاد مؤتمرها الأول وضم مجموعات عسكرية جديدة، منها “درع الساحل” الذي انشقّ عن الضابط في النظام السابق مقداد فتيحة، أبرز الشخصيات التي قادت ما يعرف بأحداث الساحل، في آذار الماضي، وفق جريدة “النهار” اللبنانية.

وكشف المؤتمر عن عدة شخصيات، بعد أن لفّ الغموض معظم قياداتها، ومنهم ما زالوا يستخدمون إلى الآن أسماء وهمية.

وظهر اسم محمود موالدة على رأس الدائرة السياسية، وبتول بدر مسؤولة دائرة المرأة، وعباس الأحمد مسؤول دائرة الإعلام المركزي، إضافة إلى جبران سالم مسؤول الدائرة الاقتصادية، وملاك الظاهر مسؤول وحدة المغتربين، وعلي الأشقر مسؤول دائرة التنظيم.

ويقود التنظيم رضا حسين (أبو جهاد) الذي بقيت هويته طي الكتمان، منذ إعلان التأسيس، وهو ضابط في الجيش السابق، مسرّح منذ 25 عامًا، وله ارتباط مع تنظيمات فلسطينية ولبنانية سابقة، وفق “النهار”.

ويقود المجلس العسكري لـ”أولي البأس”، الذي يتكون من عدة تشكيلات منها “سرايا العرين” و”المقاومة لشعبية”، العميد السابق في جيش النظام “منذر و”.

من جانبه، ذكر مركز “ألما” الإسرائيلي للدراسات والأبحاث أن مؤسسي “أولي البأس” هم “الحزب القومي السوري الاشتراكي” وهو تجمع سياسي له فروع بسوريا ولبنان، وناصر النظام السابق و”حزب الله”.

شكوك بأصابع إيرانية

تثار شكوك بتبعية “أولي البأس” لإيران، نظرًا للأسلوب المتبع في خطابها، وشعارها المشابه لجهات عسكرية ترتبط بطهران، أبرزها “حزب الله” اللبناني وفرعه العراقي.

وكالة “رويترز” نقلت عن مسؤول سوري لم تسمّه أن الجهات التي أطلقت الصواريخ تضم “فلول فصائل مسلحة مرتبطة بإيران منذ عهد الأسد” وتنشط منذ فترة طويلة في منطقة القنيطرة.

 مصدر أمني إسرائيلي قال لقناة “العربية”، في 5 من حزيران، إن “إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل كان متوقعًا”.

وأكد المصدر الذي لم تفصح القناة عن مستواه، أن الإدارة السورية الحالية لا دخل لها بالحادث، مشددًا على أن إيران و”حزب الله” وأتباع الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، يحاولون عرقلة الاستقرار في سوريا.

وكشف المصدر الأمني أن إسرائيل تنسق مع قوات الأمن السورية من أجل الدخول إلى مناطق قريبة من المنطقة العازلة لفرض الأمن، واصفًا التنسيق بـ“الجيد”، مرجحًا عدم حصول تصعيد جديد في الجنوب السوري.

المحلل السياسي السوري حسن النيفي، قال إن إيران تدفع باتجاه التصعيد، مؤكدًا أن العملية الأخيرة التي تضمنت إطلاق صاروخين كانت إيران وراءها، وذلك بحسب البيانين اللذين أصدرتهما الكيانات المشكّلة حديثًا والمتهمة بتبعيتها إلى طهران، إلى جانب “كتائب محمد الضيف”.

وبحسب حديث النيفي لعنب بلدي، تريد طهران من ذلك إشعال الفتنة واستفزاز الجانب الإسرائيلي وأن تعطي ذريعة لإسرائيل، لاستمرار عدوانها على سوريا، وبالتالي يراد منه البحث عن مبررات للتدخل الإسرائيلي.

ما علاقة التقارب السوري- الأمريكي

يحمل التصعيد الإسرائيلي تجاه سوريا عدة رسائل، بحسب النيفي، الأولى إلى الولايات المتحدة الأمريكية، إذ إن إسرائيل “مستاءة جدًا” من التقارب السوري- الأمريكي لافتًا إلى أنها كانت تتطلع إلى أن تبقى الضغوط والعقوبات مفروضة على سوريا.

ويحمل التصعيد الإسرائيلي، وفق النيفي، رسالة أخرى إلى الحكومة السورية بأن إسرائيل لن يردعها هذا التقارب من التوغل في الأراضي السورية.

ويرى النيفي أن إرادة إسرائيل تتمثل بأن تبقى سوريا “هشة ومتشظية ومتهالكة” ولا تستطيع الدفاع عن نفسها، معتقدًا أنها تسعى أيضًا إلى تقسيم سوريا، معتبرًا أن التصعيد يخدم هذا الاتجاه.

وقال إن أي خطوة من شأنها أن تثير الفتن وعدم الاستقرار داخل سوريا فإسرائيل هي التي تدفع بها، ولا شك بأن إيران لها الهدف الأكبر من ذلك.

التقارب الأمريكي تمثل جليًا خلال اللقاء الذي وصف بـ”التاريخي”، منتصف أيار الماضي، بين الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية ونظيره دونالد ترامب، في العاصمة السعودية الرياض، وما تبعها من إزالة للعقوبات المفروضة على سوريا منذ سنوات.

وتزامن مع اللقاء والتقارب الأمريكي توتر بين واشنطن وإسرائيل لعدة أسباب، منها المحادثات الأمريكية- الإيرانية، وتجلى ذلك بتجاهل ترامب لزيارة تل أبيب خلال الجولة الخليجية، الشهر الماضي.

وبحسب موقع “أكسيوس” الأمريكي، طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من ترامب، بعدم رفع العقوبات عن سوريا.

من جانبه، قال ترامب، في 16 من أيار الماضي، إنه لم يستشر إسرائيل بما قام به تجاه سوريا، معتبرًا أنه “الشيء الصحيح الذي ينبغي فعله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى