الأخبار السياسية

تجريف وأوامر إخلاء إسرائيلية تنبئ بنيات احتلال أراضٍ بالقنيطرة

Reading Time: 1 minute

عنب بلدي – بيسان خلف

شهدت محافظة القنيطرة، خلال اليومين الماضيين، توغلًا بريًا لقوات الاحتلال الإسرائيلي، تزامن مع تجريف للأحراش الشمالية والغربية في محمية جباتا الخشب، إضافة إلى قطع للطرقات بإقامة حواجز مؤقتة في عدد من قرى وبلدات المحافظة.

وقال الناشط أحمد كيوان من بلدة جباتا الخشب، لعنب بلدي، إن الاحتلال الإسرائيلي بدأ “عملية ممنهجة”، بتجريف أحراش محمية جباتا الخشب الطبيعية من الجزء الشمالي والغربي الذي يمتد من البلدة إلى طريق قرية سحياتا الواصلة بين جباتا وقرية حضر.

واستولت قوات الاحتلال الإسرائيلي على برج مراقبة سلامة المحمية من الحرائق، وثبتت عليه نقطة عسكرية.

وأضاف كيوان أن المحمية الطبيعية بجزأيها الشمالي والغربي، تحتوي على أشجار صنوبر وسنديان عمرها مئات السنين، إذ تعتبر رئة محافظة القنيطرة، وتجريف هذه الأشجار يضع المحافظة أمام كارثة بيئية وتغيير في طبيعة المنطقة المناخية.

أوامر إخلاء

 يحتوي محيط المحمية الطبيعية في بلدة جباتا الخشب على منازل وأراضٍ زراعية للأشجار المثمرة، وأخرى لتربية المواشي، إذ توغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي في ثالث أيام عيد الأضحى (في 8 من حزيران الحالي)، وأعطت مهلة ساعة لإخلاء البيوت الواقعة في محيط المحمية، من أجل البدء بعمليات التجريف.

ووفقًا للناشط أحمد كيوان الذي خسر عشرة دونمات من أرضه في جباتا الخشب، فإن العديد من أهالي القنيطرة خسروا منازلهم وأراضيهم الزراعية، التي تم تجريفها أو تخريبها، للسيطرة عليها تمهيدًا لبناء قواعد عسكرية ونقاط مراقبة فيها.

وقال مدير زراعة القنيطرة السابق، أحمد ديب، لعنب بلدي، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي أنذرت الأهالي في موقع الشحار غربي جباتا الخشب، الذي تبلغ مساحته 510 دونمات ويعتبر من المواقع الحرجية النموذجية أيضًا بكثافة 90% من الأشجار، إذ يحوي أشجار صنوبر مثمرة وسنديان معمرة.

إنذار الإخلاء من موقع الشجار، جاء تمهيدًا لتجريفه بالكامل، ويعيش في هذا الموقع أكثر من 13 عائلة، بحسب ديب.

في حين حفرت قوات الاحتلال الإسرائيلي خندقًا بعمق ستة أمتار تحت الأرض، وأنشأت ساترًا بجانب الخندق بطول أربعة أمتار، ولا يعرف أهالي القنيطرة ما الهدف من حفر هذا الخندق.

كم تبلغ مساحة الأراضي المجرفة

أوضح مدير زراعة القنيطرة السابق، أحمد ديب، لعنب بلدي، أن التجريف في جباتا الخشب، بدأ بعدما استولت قوات الاحتلال الإسرائيلي على برج مراقبة الحرائق هناك، حيث باشرت القوات الإسرائيلية بتجريف الأراضي حول البرج بحوالي 150 دونمًا.

وقال ديب، “ظن السكان أن إسرائيل توقفت لكننا تفاجأنا ببدء عمليات التجريف”، في غابة طرنجة التي تبلغ مساحتها 330 هكتارًا، ومحمية جباتا الخشب التي تبلغ مساحتها 1330 دونمًا.

 جرفت إسرائيل ما يقارب 1000 دونم من محمية جباتا الخشب، التي تعتبر من المحميات النموذجية في سوريا، كما نقلت أشجار السنديان الطبيعي التي اقتطعتها من المحمية إلى الداخل الإسرائيلي، وفقًا لديب.

ومنذ سيطرتها على القنيطرة، جرفت قوات الاحتلال الإسرائيلي 1860 دونمًا من أحراج الصنوبر في بلدة كودنه منذ شهرين، كما جرفت 50 دونمًا من الطريق الذي يصل مدينة السلام بالقنيطرة، ويحتوي هذا الطريق على أشجار الكينا والسرو، بحسب ديب.

وبيّن أحمد ديب أن المجتمع المحلي ومديرية الزراعة في القنيطرة، تواصلوا مع وزير الزراعة، الذي بدوره تواصل مع الرئاسة السورية، من أجل التدخل لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، والحد من تجريف الأراضي الزراعية التي تتبع ملكيتها للدولة السورية، ويستخدمها المواطنون لرعي الماشية والزراعة، وأراضٍ أخرى تعود ملكيتها لمواطنين هناك.

وبحسب ديب، فإن وزير الزراعة وعد أهالي القنيطرة، بأن الحكومة السورية ستتفاوض مع الجهات الخاصة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية.

 انتهاك للقانون الدولي

الصحفية نسرين علاء الدين من مدينة القنيطرة قالت لعنب بلدي، إن التوغل الإسرائيلي وتجريفه للأراضي في القنيطرة، يُعد دون شك “جرائم حرب”، فالجهة التي تقوم بهذه الأفعال هي قوة احتلال لأراضٍ سورية، مما يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، ويجب التوقف عنده بجدية.

ما يجري حاليًا في محمية جباتا الخشب ليس الحادثة الأولى، إذ سبق وتم تجريف محمية أخرى في قرية كودنة، وهذه الأفعال ليست مجرد تعديات عابرة، بل هي ممارسات ممنهجة تمثل “جرائم حرب” بحق الأراضي السورية، ويجب على المجتمع الدولي التحرك لمنع استمرارها، وفقًا لنسرين.

ميثاق محكمة نورنبرغ العسكرية الدولية عام 1945 حسب المادة 6، والمتعلق بانتهاكات قوانين الحرب وأعرافها، يعتبر “تدمير المدن أو القرى”، و”التدمير الذي لا تبرره الضرورات العسكرية” نوعًا من جرائم الحرب.

وفيما يتعلق بموقف الحكومة الحالية مما يحدث في القنيطرة، قالت نسرين، إن هناك تهميشًا وإهمالًا غير مبرر، فقد تم تغيير أكثر من محافظ خلال فترة زمنية قصيرة، رغم أن القنيطرة لطالما كانت محافظة ذات ثقل سياسي كبير، ولها دور محوري في القضية السورية.

وأضافت أن القنيطرة شهدت زيارات بروتوكولية لعدد محدود من الوزراء، بينما كان الاحتلال الإسرائيلي لا يبعد عنهم سوى أمتار قليلة، ومع ذلك، “لم نلمس أي خطوات عملية تعكس حضورًا حقيقيًا أو ثقلًا للحكومة في هذه المنطقة الحساسة”.

الغموض والتجاهل للوضع في القنيطرة انعكس سلبًا على أهالي القنيطرة، الذين يشعرون بأنهم تُركوا وحيدين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وكأن القنيطرة لم تعد تحظى بأولوية لدى الحكومة الحالية، بحسب نسرين.

وتابعت أن أهالي القنيطرة اليوم خسروا مصدرًا اقتصاديًا بالغ الأهمية، بل وربما المصدر الوحيد للبعض، سواء من خلال الزراعة أو من خلال استخدام الأراضي للرعي وتربية المواشي، هذه الخسارة أثرت بشكل مباشر على معيشة الناس.

نيات احتلال

الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور سمير أبو صالح، أوضح لعنب بلدي، أن سياسة إسرائيل منذ عام 1948، قائمة على قضم الجغرافيا، وتغيير الديموغرافيا، بعد طرد أصحاب الأراضي الشرعيين منها، بذريعة الحفاظ على أمنها.

ويرى أبو صالح أن الاحتلال الاسرائيلي للجولان، بمحطتيه في عام 1974 و1967، يشبه ما تمارسه إسرائيل من احتلال قسم كبير في مرتفعات جبل الشيخ، ومساحات كبيرة من محافظة القنيطرة ومنطقة شمال غربي محافظة درعا، ومحاولة الاشتباك المباشر مع أبناء هذه المناطق، وإجبار بعضهم على التخلي عن أراضيهم وقراهم بحجة أنها تبحث عن مسلحين وأسلحة قد تستعمل ضدها، ما أدى إلى تجريف مئات الدونمات من الأراضي في القنيطرة.

تجريف الأراضي يهدف إلى كشف المنطقة وتحويلها لمنطقة صحراوية من أجل المراقبة، وهذا يعني أيضًا القضاء على أهم مصدرين لمعيشة أبناء المنطقة هما الإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية، إضافة لتحويل التربة الخصبة إلى تربة ملوثة وغير مؤهلة للعودة ثانية لدورها الإنتاجي، بحسب أبو صالح.

ويعتقد سمير أبو صالح أن مجمل الإجراءات الميدانية التي تمارسها إسرائيل في أراضي القنيطرة، تهدف لاحتلال المنطقة لأطول فترة ممكنة، مستغلة المناخ السياسي والعسكري في المنطقة، وهو ما يفسر إقامتها عددًا من المعسكرات ونقاط المراقبة هناك.

إنشاء إسرائيل مراصد متطورة ومهابط طائرات في القنيطرة، إضافة إلى مراكز وأبنية خدمية لأعداد كثيرة من القوات العسكرية، يشير إلى أنها تنوي البقاء في المنطقة لسنوات طويلة، على الرغم مما كشفت عنه التصريحات، بأن إسرائيل تريد التفاوض، وفقًا لأبو صالح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى