الأخبار السياسية

ضابط سوري: أوستن تايس قُتل بأمر من الأسد

Reading Time: 1 minute

أجرى مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية تحقيقًا مع بسام الجسن، مستشار رئيس النظام المخلوع بشار الأسد، اعترف خلاله أن الصحفي الأمريكي المفقود في سوريا، أوستن تايس، قتل بأمر من الأسد عام 2013.

ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، اليوم الأحد 15 من حزيران، عن مسؤولين أمريكيين وأشخاص آخرين مطلعين على الأمر (لم يكشفوا عن هويتهم لحساسية الأمر) أن الحكومة الأمريكية أجرت تحقيقًا في ادعاءات بسام الحسن، أحد أفراد الدائرة الداخلية للأسد ومستشاره للشؤون الاستراتيجية، وجرى استجوابه في بيروت من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية على مدى عدة أيام في شهر نيسان الماضي.

وقالت الصحيفة إن رواية الحسن لم تؤكدها الولايات المتحدة بعد، ولكنها تمثل المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول كبير في نظام الأسد إلى مسؤولين أمريكيين حول مصير تايس.

لم يُعلّق مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) على المسألة، مُشيرًا إلى استمرار التحقيق، وقال إنه “مُصرّ على تحديد مكان الرهائن وإعادتهم إلى ديارهم أو رفاتهم إلى عائلاتهم”، كما رفضت وكالة المخابرات المركزية (CIA) التعليق.

وقال مساعد الأسد السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي بحضور مسؤولين لبنانيين، إن الأسد أمره بقتل تايس، وإنه حاول دون جدوى ثني الأسد”.

وأبلغ الحسن مكتب “التحقيقات الفيدرالي” أن تايس قُتل على يد أحد مرؤوسيه، وأن ذلك حدث عام 2013، وأضاف أن الأمر صدر بعد هروب تايس لفترة وجيزة من زنزانته، بحسب مصادر “واشنطن بوست”.

في السنوات الأخيرة، عثر مسؤولون أمريكيون على إشعار وُجّه إلى السلطات الأمنية السورية للبحث عن تايس.

صدر الإشعار في أواخر تشرين الأول 2012، وهو تاريخ لم يُكشف عنه علنًا من قبل، مما يشير إلى فراره في تلك الفترة تقريبًا، على حد قول المصادر.

واعتُبر هذا الإشعار دليلًا على أن الحكومة السورية تحتجزه، رغم نفيها الرسمي.

وقال الحسن، مستشار الأسد السابق، إنه نصح الأسد بأن تايس، الذي كانت محنته مثار قلق البيت الأبيض، يمكن استخدامه كوسيلة ضغط على الولايات المتحدة، فبقاؤه حيًا أكثر قيمة من موته، وفقًا للمسؤولين وشخص مطلع على الأمر.

قال مصدر ثانٍ مطلع على الأمر إنه “من المشكوك فيه” ما إذا كان الحسن قد حاول بالفعل ثني الأسد، وأضاف أنه من المرجح أنه كان يحاول “التنصل من مسؤوليته”، مضيفًا أن الجزء من روايته حول أمر الأسد بقتل تايس بدا “موثوقًا”.

رفات تايس في منطقة بدمشق

قدّم الحسن لمكتب التحقيقات الفيدرالي وصفًا للموقع الذي توجد فيه رفات تايس، وقال أحد المسؤولين إن هذه الأوصاف قد تغيرت بعض الشيء، لكنها دائمًا ما تكون في منطقة دمشق.

ويحاول مكتب التحقيقات الفيدرالي الوصول إلى تلك المواقع للبحث عن الرفات، بحسب الصحيفة.

قال أحد المطلعين على الأمر، “لا يوجد ما يؤكد، على الأقل في الوقت الحالي، ما يقوله الحسن. أما الجانب الآخر، فنظرًا لدوره في النظام، يصعب فهم سبب رغبته في الكذب بشأن أمر كهذا”.

واعترض مارك تايس، والد أوستن تايس، بشدة على هذا الرأي، وقال لصحيفة “واشنطن بوست”، “الحسن قاتل جماعي أنكر العديد من الأفعال التي عُرف بارتكابه لها، لن أعتبر تصريحاته حقيقة، ولن أعتبرها أكثر من مجرد جهده للاعتناء بنفسه”.

وأبلغ عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي والدي تايس، مارك ودبرا، في نيسان، أنهم أجروا مقابلة مع الحسن، وأعطوهما ملخصا للتبادل، حسبما قال تايس.

ولم يُجب الحسن على طلب التعليق المُرسل عبر أحد أقاربه، من الصحيفة الأمريكية، ولا على رسالة إلكترونية مُرتبطة به، أكّد القريب وجوده في لبنان لفترة وجيزة، لكنه غادر البلاد مُنذ ذلك الحين.

وقال مارك تايس، والد الصحفي، إن العائلة تعتقد أن ابنها لا يزال على قيد الحياة، وذلك استنادًا إلى شهادات أشخاص تقدموا على مر السنين قائلين إنهم رأوا أوستن في السجن في سوريا في السنوات التي أعقبت عام 2013.

وبعد سقوط النظام تعهدت الحكومة الجديدة بقيادة الشرع بمساعدة عائلة تايس في بحثها عن ابنها.

وسافر روجر كارستينز، المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون الرهائن، وباربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، إلى دمشق في 20 كانون الأول 2024، إلى دمشق وكانا من أوائل المسؤولين الأمريكيين الذين التقوا بالحكومة الجديدة.

سُمح لكارستنز بزيارة موقع واحد، مجمع بسام الحسن، حيث أجرى مكتب التحقيقات الفيدرالي مسحات الحمض النووي،و التقط كارستنز صورًا، ولم يُعثر على أي نتائج حاسمة، بشأن تايس.

خطة للقبض على تايس

مجلة “ذا إيكونوميست” البريطانية، نقلت عن اللواء في أجهزة أمن النظام السابق، صفوان بهلول، في 12 من حزيران الحالي، أن تايس لم يكن محتجزًا لدى فصائل المعارضة، بل لدى الدولة السورية، بعلم الأسد الكامل، وأنه احتُجز لبعض الوقت في مجمع يضم أقرب مساعدي الأسد.

ونقلت المجلة عن بهلول، أن مستشار الأسد ومؤسس “الدفاع الوطني”، بسام الحسن، وهو مستشار غامض في الدائرة المقربة من الأسد، علم أن تايس موجود في دمشق، فبدأ بخطة للقبض عليه، بينما كان تايس يستعد لأخذ استراحة في لبنان بعد فترة شاقة قضاها في تغطية الأحداث في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا، حيث بحث تايس عن وسيط لمحاولة عبور الحدود من سوريا إلى لبنان، وفيما بعد اتضح أن الوسيط كان يعمل لصالح بسام الحسن، كما نقلت “الإيكونوميست” عن اللواء السابق.

وبعد اعتقاله، احتُجز تايس في مرآب داخل مجمع بسام الحسن، ليس بعيدًا عن القصر الرئاسي، كما قال اللواء، وكان بشار الأسد على علم باعتقال أوستن تايس، وسعيدًا به.

ويقع الموقع، بحسب المجلة خارج نظام السجون الرسمي للنظام، وغير مُسجل رسميًا، وتحت السيطرة المباشرة للموالين للأسد.<

وكان اللواء صفوان بهلول قد أُمر باستجواب أوستن تايس، وقال إن تايس كان لديه  “جهاز اتصال عبر الأقمار الصناعية… هاتف آيفون وهاتف صغير آخر، وبدأ بهلول بتصفح دليل هاتف الصحفي الأمريكي، محاولًا معرفة هويته”.

أكد اللواء بهلول أن تايس تمكن من الفرار من زنزانته لمدة 24 ساعة، ما يتقاطع مع معلومات سابقة أوردتها وكالة “رويترز”.

ويُشتبه في أن بهلول نفسه ساعد تايس في محاولة الفرار (وهو أمر ينفيه)، على الرغم من تبرئته لاحقًا.

ووصف بهلول عملية هروب أوستن تايس من السجن قائلًا، إنه “فرك جسده بالصابون لترطيب صدره عند عبوره النافذة، واستخدم المنشفة… كان هناك زجاج مكسور، مُثبّت بالأسمنت على قمة سياج. فوضع المنشفة عليه، ثم تسلّقه وألقى بنفسه إلى الجانب الآخر”، لكن جرى إعادة القبض على تايس بعد 24 ساعة.

وظهر تايس لآخر مرة معصوب العينين ومحاطًا برجال ملثمين يهتفون “الله أكبر”، ونُشر على منصة “يوتيوب” في أيلول 2012، وقال اللواء بهلول إن بسام الحسن هو من دبّر التسجيل المصور، وجرى تصويره في ريف دمشق الشمالي.

وبحسب “الإيكونوميست”، تبقى أحد الاحتمالات هو أن أوستن تايس لا يزال على قيد الحياة في سوريا، ربما مختبئًا في مكان ما في الأراضي الزراعية النائية في قلب الساحل السوري، والتي لا تزال أجزاء منه خارج سيطرة قوات الأمن التابعة للحكومة السورية.

وهناك احتمال آخر هو أنه نُقل سرًا من سوريا إلى إيران، أو إلى مناطق يسيطر عليها “حزب الله” في لبنان، أو ربما تُرك في سجن سري، أو قُتل في خضم فوضى الثورة.

من هو أوستن تايس؟

أوستن تايس هو من أبرز المواطنين الأمريكيين المختطفين في سوريا، وهو جندي سابق في البحرية الأمريكية ومصور صحفي، من مواليد 1981، اختار السفر إلى سوريا لنقل الأخبار إلى وسائل الإعلام الأمريكية، التي كان منها محطة “CBS”، و”واشنطن بوست”، وشركة “ماكلاتشي”، بحسب مكتب التحقيقات الفدرالي.

اعتقل عند حاجز خارج دمشق في 13 من آب 2012، وبحسب معلومات عنب بلدي،  التقى تايس قبل اختفائه مع مجموعة من الناشطين المدنيين وعناصر من “الجيش الحر”، في مدينة داريا، غربي دمشق، وأجرى معهم لقاءً حصريًا، وجهز تقريره، ثم أوصله العناصر إلى خارج المدينة، وانقطعت أخباره عقب ذلك.

ونفت حكومة النظام السوري أي علاقة لها باختطافه، إذ قال فيصل المقداد، نائب وزير الخارجية السوري (حينها)، عام 2016، إن “تايس ليس موجودًا لدى السلطات السورية، ولا توجد أدنى معلومات تتعلق به”.

تعهد سوري وطلب أمريكي

في 25 من أيار الماضي، تعهدت الحكومة السورية بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية في البحث عن أمريكيين مفقودين في سوريا، وفقًا لما نشره المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس باراك، عبر منصة “إكس“.

وقال باراك، إن الحكومة السورية وافقت على مساعدة واشنطن في تحديد أماكن المواطنين الأمريكيين أو رفاتهم، لإعادتهم إلى بلادهم.

وأضاف المبعوث أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اعتبر أن إعادة المواطنين الأمريكيين، أو تكريم رفاتهم، “أولوية قصوى” في كل مكان، وأن “الحكومة السورية ستساعدنا في هذا الالتزام”، حسب قوله.

وقبل لقاء الشرع بترامب، في 13 من أيار الماضي، كانت الشروط الأمريكية لتحقيق انفتاح مع دمشق في فلك أربعة مطالب، هي تدمير أي مخازن متبقية من الأسلحة الكيماوية، والتعاون في مكافحة الإرهاب، وإبعاد المقاتلين الأجانب من مناصب حكومية عليا، وتعيين ضابط اتصال للمساعدة في الجهود الأمريكية للعثور على الصحفي الأمريكي المفقود في سوريا أوستن تايس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى