بمواجهة الجفاف.. كيف يمكن للحكومة السورية تحقيق الأمن الغذائي؟ | بيئة ومناخ


الأمن الغذائي والمائي في خطر
وخلال السنوات الماضية أدى النقص الحاد في الأمطار وارتفاع درجات الحرارة إلى تراجع كبير في إنتاج المحاصيل الزراعية الأساسية، مثل القمح والشعير، مما انعكس مباشرة على الأمن الغذائي وارتفاع أسعار السلع الأساسية.
كما أسهم الجفاف في فقدان عدد كبير من المزارعين والرعاة مصدر دخلهم، فاضطر كثيرون إلى النزوح من قراهم نحو المدن الكبرى بحثا عن بدائل معيشية، بحسب ما تشرح الباحثة المشاركة بالدراسة المذكورة سابقا فاطمة راعي.
ويساهم التغير المناخي في تكوين أزمة الأمن الغذائي في سوريا، إذ يقلل الجفاف من كميات الماء المتاحة للزراعة نتيجة شح الأمطار، كما يزيد ارتفاع درجات الحرارة حاجة النباتات للماء، مما يسفر عن انخفاض معدلات الإنتاج الزراعي والموارد الغذائية، وبالتالي زيادة تكلفة الغذاء وقلة توافره.
وفي أوائل عام 2024 كان ما يقارب 13 مليون سوري -أي أكثر من نصف سكان البلاد- يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك أكثر من 3 ملايين شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، وفق برنامج الغذاء العالمي.
وأشار البرنامج إلى أنه خلال الفترة ذاتها احتاج نحو 16.7 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية في مجمل المحافظات السورية، أي ما يزيد على 70% من السكان، وهو أكبر عدد منذ اندلاع الحرب.
كما أدى انخفاض الهطول المطري وزيادة معدلات التبخر إلى تراجع مستويات الأنهار والسدود في البلاد، مما تسبب في نضوب بعض الموارد المائية الجوفية، خصوصا في المناطق الشمالية الشرقية التي تعتمد بشكل رئيسي على مياه الأمطار.
بدورها، تشرح مثبوت أن هذه الفجوة في المياه أثرت سلبا على قدرة السكان على تأمين احتياجاتهم من مياه الشرب والري، مما أسفر عن ارتفاع تكاليف المياه وزيادة اعتماد المجتمعات المحلية على مصادر غير آمنة، وهو ما يشكل تهديدا للصحة العامة ويزيد احتمالية حدوث أزمات اجتماعية.
كما تسببت الحرب في سوريا منذ عام 2011 بتدمير واسع للبنية التحتية المائية، إذ تضررت شبكات المياه ومحطات الضخ والري، خاصة في المناطق الريفية، وأدى ذلك إلى تعطل الإمدادات وارتفاع الاعتماد على مصادر غير آمنة للمياه.
كما أثّر انقطاع الكهرباء على تشغيل مضخات المياه المنزلية والزراعية، مما أدى إلى توقف مشاريع الري الكبرى، بحسب راعي.
وتضيف الباحثة أن الحرب تسببت أيضا بتلوث مصادر المياه وصعوبة صيانتها، مما أدى إلى تدهور حاد في المنظومة المائية وزيادة الأزمات الإنسانية والنزوح وانعدام الأمن المائي.
ويفاقم كل ذلك حجم التحديات التي تواجه الحكومة السورية الجديدة في مرحلة انتقالية تتطلب إعادة بناء الدولة واستقرارها، في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد المنهكة من الجفاف والصراعات.