الأخبار السياسية

دمشق تغلق “باب باريس” ردًا على “مؤتمر المكونات”

Reading Time: 1 minute

ردت الحكومة السورية على انعقاد مؤتمر “وحدة الموقف لمكونات شمال شرقي سوريا”، بتعليق المفاوضات مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) التي كانت مقررة في باريس.

وأكد مصدر مسؤول في الحكومة السورية، اليوم السبت 9 من آب، أن المؤتمر الذي عقدته “قسد” في الحسكة، يشكل ضربة لجهود التفاوض بين “قسد” والحكومة السورية.

ولن تشارك الحكومة في أي اجتماعات مقررة في باريس، ولن تجلس على طاولة التفاوض مع أي طرف يسعى لإحياء عهد النظام السابق تحت أي مسمى أو غطاء، بحسب البيان.

ووفقًا لوكالة الأنباء السورية (سانا)، دعا المصدر الحكومي “قسد” للانخراط في تنفيذ اتفاق 10 من آذار، إضافة إلى الوسطاء الدوليين لنقل جميع المفاوضات إلى دمشق باعتبارها العنوان الشرعي والوطني للحوار بين السوريين.

وقال المصدر إن مؤتمر “وحدة الموقف لمكونات شمال شرقي سوريا”، يعد خرقًا للاستحقاقات التي باشرت الحكومة السورية في تنفيذها، بما في ذلك تشكيل هيئة العدالة الانتقالية وبدء أعمالها، ومسار الحوار الوطني الذي أطلقته الحكومة السورية في شباط الماضي والمستمر حتى إيصال البلاد إلى بر الأمان.

واعتبر أن المؤتمر يمثل تهربًا من تنفيذ استحقاقات وقف إطلاق النار ودمج المؤسسات، واستمرارًا في خرق الاتفاق، وهو في الوقت ذاته غطاء لسياسات التغيير الديمغرافي الممنهج ضد العرب السوريين، تنفذها تيارات كردية متطرفة تتلقى تعليماتها من قنديل.

وكما اعتبر أن هذا المؤتمر يستعيد نهج المؤتمرات التي سعت لتقسيم سوريا قبل الاستقلال، وقال: “الحكومة السورية تؤكد أن الشعب السوري، الذي أفشل تلك المخططات وأقام دولة الاستقلال، سيُفشل اليوم هذه المشاريع مجددًا، ماضيًا بثقة نحو بناء الجمهورية الثانية”.

ووصف المصدر المؤتمر الذي عقد في شمال شرق سوريا بـ “التحالف الهش الذي يضم أطرافًا متضررة من انتصار الشعب السوري وسقوط عهد النظام السابق”، واتهم بعض الجهات بأنها احتكرت أو تحاول احتكار تمثيل مكونات سوريا بقوة الأمر الواقع، وبالاستناد إلى دعم خارجي تلجأ هذه الأطراف والجهات لمثل هذه المؤتمرات هروبًا من استحقاقات المستقبل، ونكرانًا لثوابت الدولة السورية القائمة على جيش واحد، حكومة واحدة، وبلد واحد.

وأكد أن الحكومة السورية تدين استضافة ما وصفها بـ”شخصيات انفصالية ومتورطة في أعمال عدائية”، في خرق واضح لاتفاق 10 من آذار.

وتعتبر الحكومة أن هذا المؤتمر محاولة لتدويل الشأن السوري، واستجلاب التدخلات الأجنبية، وإعادة فرض العقوبات، وهو ما تتحمل قسد تبعاته القانونية والسياسية والتاريخية.

طروحات المؤتمر تتعارض مع اتفاق 10 من آذار، بحسب المصدر، سواء بالدعوة إلى تشكيل “نواة جيش وطني جديد”، أو إعادة النظر في الإعلان الدستوري، أو تعديل التقسيمات الإدارية، رغم أن الاتفاق نص بوضوح على دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن مؤسسات الدولة، وضمان الحقوق على أساس الكفاءة لا الانتماء، بحسب المصدر.

وفي نفس الوقت، تؤكد الحكومة السورية حقوق المواطنين في التجمع السلمي والحوار البنّاء، سواء على مستوى مناطقهم أو على المستوى الوطني، شريطة أن يكون في إطار المشروع الوطني الجامع الذي يلتف حول وحدة سوريا أرضًا وشعبًا وسيادة، بحسب تعبير البيان.

رفض حكومي

وبالتوازي مع التصريحات التي نقلتها وكالة “سانا”، انتقد مدير إدارة الشؤون الأمريكية في وزارة الخارجية والمغتربين، قتيبة إدلبي، المؤتمر في تغريدة نشرها في صفحته عبر “إكس“، اليوم السبت 9 من آب.

وقال إدلبي إنه “لا يستوي الحديث عن الوحدة ورفض التقسيم بينما تعقد مؤتمرات على أسس طائفية وعرقية ويعاد فيها تصدير رموز النظام البائد تحت مسميات جديدة”.

المعيار الحقيقي للوحدة هو الأفعال التي تتجسد على أرض الواقع والاستحقاقات التي تُبنى على أرض سوريا وبين أبنائها، والالتزام بمشروع وطني جامع ينبذ الاستبداد ورموزه، ويعالج جراح الاصطدام العرقي والطائفي بدل أن يعززها، تبعًا لإدلبي.

في حين أكد إدلبي أن أبواب دمشق ستبقى مفتوحة لكل من أراد حوارًا جادًا وعملًا مشتركًا يهدف للوصول بسوريا إلى مستقبل أفضل يليق بكل أبنائها.

مؤتمر يدعو لدستور ديمقراطي

وعقد المؤتمر، الجمعة 8 من آب، في المركز الثقافي بمدينة الحسكة، بمشاركة أكثر من 400 شخصية سياسية ودينية ووجهاء عشائر من مختلف المناطق السورية، إلى جانب ممثلين عن “الإدارة الذاتية”، وشارك فيه افتراضيًا الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، حكمت الهجري، رئيس “المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر”، غزال غزال.

واختُتم المؤتمر بإصدار بيان ختامي، عبّر فيه المشاركون عن توافق على جملة من المبادئ والمطالب السياسية والاجتماعية، ركّزت على أهمية التعددية، وترسيخ اللامركزية، ورفض الإقصاء والتهميش.

ودعا البيان الذي نشرته وكالة “هاوار”، المقربة من “قسد”، إلى صياغة دستور ديمقراطي جديد لسوريا، يُكرّس اللامركزية ويضمن المشاركة السياسية الفعلية لجميع المكونات، ويراعي الخصوصيات الثقافية والدينية، ويعزز قيم العدالة الاجتماعية وحرية المعتقد.

كما أكد ضرورة مراجعة الإعلان الدستوري الراهن، الذي وصفه المشاركون بأنه لا يلبّي تطلعات السوريين في الكرامة والحرية.

وتضمنت المخرجات تأكيد أهمية العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، مع الدعوة لإطلاق مسار شفاف يشمل كشف الحقيقة، والمساءلة، وجبر الضرر، وضمان عودة آمنة وطوعية للمهجّرين، ورفض كل أشكال التغيير الديمغرافي القسري.

وأبدى المشاركون دعمهم الكامل لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، واعتبروها نواة لبناء جيش وطني جديد، مؤسساتي ومهني، يحمي حدود البلاد ويعبّر عن جميع مكوناتها.

ودعا المؤتمر في ختامه إلى عقد مؤتمر وطني سوري جامع، تشارك فيه جميع القوى الديمقراطية والوطنية، بهدف رسم ملامح هوية وطنية سورية جامعة، وبناء سوريا تعددية ديمقراطية لا مركزية، تُصان فيها كرامة الإنسان، ويُعاد فيها الاعتبار للمجتمعات المهمّشة.

وأوضح المنظمون أن الوثيقة التي اتفق عليها المجتمعون في المؤتمر ستُنشر رسميًا خلال الأيام المقبلة، لتكون بمثابة خارطة طريق للحوار الوطني السوري، بحسب البيان.

مؤتمر مكوّنات شمال شرقي سوريا يدعو لدستور ديمقراطي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى