الأخبار السياسية

نواب “الكونجرس” يمهدون طريق دمشق

Reading Time: 1 minute

عنب بلدي – موفق الخوجة

تشهد العلاقات الأمريكية- السورية بعد سقوط النظام السوري السابق انفتاحًا حذرًا ومشروطًا، تشير إليه زيارات نادرة لوفود أمريكية ولقاءات من دبلوماسيين من واشنطن، مقابل شروط ثمانية وضعتها الأخيرة أمام منح الثقة ورفع العقوبات.

تمثلت أحدث زيارة أمريكية إلى سوريا بقدوم وفد أمريكي إلى العاصمة السورية دمشق، يرأسه النائبان في “الكونجرس” الأمريكي، مارلين ستوتزمان من ولاية إنديانا، وكوري ميلز من ولاية فلوريدا، وهما من الحزب “الجمهوري” الذي ينتمي إليه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.

الوفد جاء بصفة غير رسمية، ورافقه أفراد من الجالية السورية في أمريكا، إلا أنه تزامن مع طرح الولايات الأمريكية شروطها الثمانية على الإدارة السورية.

ما شكل العلاقات؟

العلاقات بين سوريا والولايات المتحدة الأمريكية بعد حكم حزب “البعث” والأسدين، حافظ وبشار الأسد، شهدت فتورًا وصل حد القطيعة، إذ اتجه النظام السابق إلى المعسكر الشرقي، نحو روسيا والصين ومن دار في فلكهما.

وتلقت سوريا سلسلة من العقوبات الأمريكية، افتتحتها عام 1979، بسبب التدخل السوري في الحرب اللبنانية، وموقفها من بعض الأحزاب الفلسطينية.

وضيّقت واشنطن خناق العقوبات على دمشق بعد مجيء بشار الأسد لسدة الحكم، بشكل متسلسل، لعدة مراحل وأسباب مختلفة.

وبعد سقوط النظام، سرت العلاقة بين الحكم الجديد والإدارة في واشنطن بوتيرة تشي بانفتاح جزئي وحذر من الجانب الأمريكي.

أول تواصل رسمي جرى بعد أيام من سقوط الأسد، في 20 من كانون الأول 2024، وأعقبه إيقاف رصد مكافأة مالية لمن يدلي بمعلومات عن الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع.

عضو الكونجرس الأمريكي مارلين ستوتزمان في سجن صيدنايا بدمشق - 19 نيسان 2025 (عنب بلدي/أنس الخولي)عضو الكونجرس الأمريكي مارلين ستوتزمان في سجن صيدنايا بدمشق - 19 نيسان 2025 (عنب بلدي/أنس الخولي)

عضو الكونجرس الأمريكي مارلين ستوتزمان في سجن صيدنايا بدمشق – 19 نيسان 2025 (عنب بلدي/أنس الخولي)

زيارة النائبين

جاءت زيارة النائبين في “الكونجرس” ميلز وستوتزمان، في 18 من نيسان الحالي، وتخللتها جولات لأماكن مدمرة بفعل العمليات العسكرية، ولسجن “صيدنايا” سيئ الصيت، إضافة إلى لقاء رجال دين مسيحيين ومسؤولين سوريين.

أبرز ما حدث في الزيارة هو لقاء النائبين بشكل منفرد مع الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع.

اللقاء الأول تم مع ميلز، في مساء اليوم الأول لقدوم الوفد، واستمر 90 دقيقة، وتناول عدة ملفات، منها العقوبات وإيران، وفق وكالة “رويترز”.

وفي مقابلة لميلز على التلفزيون “العربي” القطري، قال إنه ناقش مع الشرع رؤيته لعملية الانتقال السياسي في البلاد، والانتقال إلى الحوكمة والديمقراطية الحرة، بعد سقوط النظام السوري السابق.

وذكر أن الطرفين تحدثا عن العلاقة مع إسرائيل، مؤكدًا أن الشرع أبدى انفتاحًا للعلاقة مع تل أبيب.

تركيز على أمن إسرائيل

العضو الآخر، ستوتزمان، التقى أيضًا بالشرع في ختام زيارة الوفد الأمريكي، في 21 من نيسان.

وبمقابلة لستوتزمان مع صحيفة “جيروزاليم” الإسرائيلية، أكد النائب الأمريكي أيضًا أن الشرع منفتح على علاقة مع إسرائيل وفق اتفاقات “أبراهام”.

اتفاقيات “أبراهام” هي سلسلة من اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية التي توسط فيها ترامب خلال ولايته الأولى.

وبحسب ستوتزمان، طرح الشرع عدة شروط، أهمها بقاء سوريا دولة موحدة ذات سيادة.

“انطباعات جيدة”

أشار ستوتزمان في لقائه مع “جيروزاليم” إلى أن المحادثة مع الشرع كانت “جيدة جدا” قائلًا، إنه “كان هادئًا ومتفهمًا، ومن الواضح أنه يبذل جهدًا كبيرًا في كل ما يحدث، منذ أن تولى السلطة في سوريا”.

الباحث بمركز “جسور للدراسات” وائل علوان، أشار إلى أن هناك دلالة “جيدة” للزيارات المتتالية للمسؤولين الأمريكيين إلى دمشق، والتي كان أحدثها لوفد من “الكونجرس” الأمريكي.

تشير هذه الدلالات، بحسب حديث علوان لعنب بلدي، إلى بناء انتقال سياسي جديد في سوريا، مؤكدًا أن الزيارات المتتالية ستثمر تفاهمات.

في ذات الوقت، قال الباحث علوان، إن هناك انفتاحًا مشروطًا من الولايات المتحدة الأمريكية، يقع ضمن الانفتاح الغربي الكامل على الانتقال السياسي الذي بدأ فعلًا بسقوط نظام الأسد، لكن بوتيرة أقل.

وأضاف أن مسار العلاقات الغربية مع دمشق، ومنها الأمريكية، سيكون في تطور مستمر.

ماذا عن العقوبات؟

العضوان، ومن خلال لقاءاتهما التي أعقبت الزيارة، أكدا أن قرار رفع العقوبات عن سوريا، هو بيد الرئيس ترامب.

ستوتزمان أكد للصحيفة الإسرائيلية، أن الرئيس السوري، الشرع، لا يريد الأموال من الولايات المتحدة، وهو يحتاج فقط إلى رفع العقوبات، ويعتقد النائب الأمريكي أن ذلك الأمر “يستحق النظر فيه”.

وخلال زيارة ستوتزمان لسجن “صيدنايا”، قال في مؤتمر صحفي، حضرته عنب بلدي، إن “رفع العقوبات سيكون دفعة اقتصادية كبيرة، لكن القرار في نهاية المطاف يعود للرئيس الأمريكي دونالد ترامب”.

النائب ميلز، ربط رفع العقوبات بمعايير تنسحب على ضمان ألا تُصبح سوريا أداة للنظام الإيراني، وأن تكون لواشنطن القدرة على تنفيذ العمليات في الإقليم، إضافة إلى توقف “الاضطهاد” المبني على الجندر والمعتقد الديني والمستوى الاجتماعي، وفق تعبيره.

ووعد عضو “الكونجرس” الأمريكي ميلز أن يشارك زملاءه والرئيس الأمريكي مشاهداته في سوريا، مشجعًا على القدوم إليها لرؤية التغييرات التي تحدث، وفق تعبيره.

من جانبه، قال الباحث علوان، إن النائبين في “الكونجرس” هما جزء من صناعة القرار الأمريكي، مؤكدًا أن الأهمية تكمن بالرسائل المنقولة من واشنطن إلى دمشق وبالعكس، والتي يرى علوان أنها ستكون إيجابية.

ما رسائل واشنطن؟

تزامنت زيارة عضوي “الكونجرس” مع عرض واشنطن ثمانية شروط مقابل بناء الثقة مع دمشق، وتخفيف العقوبات.

العضوان من خلال مقابلاتهما أشارا إلى حديث دار مع الشرع بالملفات التي تضمنتها الشروط الثمانية، إلا أنهما لم يؤكدا نقل رد مباشر من دمشق لواشنطن.

ثمانية شروط وضعتها واشنطن أمام دمشق مقابل ”بناء الثقة” وتخفيف العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا:

  • تشكيل جيش مهني وعدم وضع المقاتلين الأجانب في مناصب قيادية حساسة.

  • الوصول إلى جميع منشآت السلاح الكيماوي والبرنامج الخاص به.

  • تشكيل لجنة للمفقودين الأمريكيين بينهم الصحفي أوستون تايس.

  • تسلم عائلات تنظيم “الدولة الإسلامية” من معسكر “الهول” الواقع تحت سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) شمال شرقي سوريا.

  • التزام علني بالتعاون مع التحالف الدولي في محاربة تنظيم “الدولة”.

  • السماح لأمريكا بتنفيذ عمليات مكافحة “الإرهاب” على الأراضي السورية ضد أي شخص تعتبره واشنطن تهديدًا للأمن القومي.

  • إصدار إعلان رسمي عام يحظر جميع التنظيمات الفلسطينية والأنشطة السياسية في سوريا، وترحيل أعضائها لتهدئة المخاوف الإسرائيلية.

  • منع تموضع إيران وتصنيف كل من “الحرس الثوري” الإيراني و “حزب الله” اللبناني تنظيمات إرهابية.

ماذا ردت دمشق؟

بحسب وكالة “رويترز”، ردت دمشق على معظم الشروط الأمريكية، دون أن تشير إلى كيفية إيصال الرسالة، لكنها قالت إنها وصلت في 14 من نيسان الحالي.

الوكالة قالت إن وزير الخارجية السوري سيناقش محتواها مع الإدارة الأمريكية خلال زيارته إلى نيويورك.

وتضمنت الرسالة الرد على خمسة مطالب، في حين بقيت المطالب الأخرى “معلقة” للنقاش، ومن أبرز ما جاء في الرسالة:

  • تعهدات بشأن إنشاء مكتب للتواصل للعثور على الصحفي الأمريكي المفقود أوستن تايس.
  • تفصيل عمل دمشق في التعامل مع مخزونات الأسلحة الكيماوية.
  • عدم التسامح مع أي تهديدات للمصالح الأمريكية أو الغربية في سوريا.
  • تشكيل لجنة لمراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية، وعدم السماح للفصائل المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة بالعمل.
  • تواصل مستمر بين سلطات مكافحة الإرهاب السورية وممثلي الولايات المتحدة في عمان بشأن مكافحة تنظيم “الدولة الإسلامية”.

وبقيت ملفات مثل المقاتلين الأجانب وتنفيذ ضربات أمريكية في سوريا معلّقة للنقاش، فيما لم تذكر الوكالة نقطة تسلّم دمشق إدارة مخيمات شمال شرقي سوريا التي تضم عوائل ومقاتلي تنظيم “الدولة”.

عضو الكونجرس الأمريكي مارلين ستوتزمان في سجن صيدنايا بدمشق - 19 نيسان 2025 (عنب بلدي/أنس الخولي)عضو الكونجرس الأمريكي مارلين ستوتزمان في سجن صيدنايا بدمشق - 19 نيسان 2025 (عنب بلدي/أنس الخولي)

عضو الكونجرس الأمريكي مارلين ستوتزمان في سجن صيدنايا بدمشق – 19 نيسان 2025 (عنب بلدي/أنس الخولي)

“دمشق لا تربكها الشروط”

الباحث علوان يرى أن دمشق لا ترتبك كثيرًا بالشروط الأمريكية، لأنها بمجملها توافق التوجه السوري.

يتمثل التوجه السوري، وفق علوان، بنقل سوريا من دولة هي محور بنقل المشكلات وإثارة النزاعات على مستوى المنطقة، إلى دولة تكون محورًا للأمن والاستقرار.

وأضاف أن هناك توافقًا كبيرًا على جملة من الشروط، لافتًا إلى أن بعضها أكدت القيادة السورية أنها ناقشتها مع الولايات المتحدة الأمريكية سابقًا، متوقعًا الوصول إلى صيغ توافقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى