رفع العقوبات الأمريكية رسميا عن سوريا.. الشروط والدلالات؟

تنشر هذه المادة في إطار شراكة إعلامية بين عنب بلدي وDW
رحبت سوريا في وقت مبكر اليوم السبت (24 مايو/أيار 2025) برفع العقوبات المفروضة عليها، وهو ما وصفته وزارة الخارجية السورية بأنه “خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح لتخفيف المعاناة الإنسانية والاقتصادية في البلاد”.
وقالت الوزارة في بيان إن سوريا “تمد يدها لكل من يرغب في التعاون على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتؤمن بأن الحوار والدبلوماسية هما السبيل الأمثل لبناء علاقات متوازنة تحقق مصالح الشعوب وتعزز الأمن والاستقرار في المنطقة”.
ورفعت الولايات المتحدة أمس الجمعة (23 مايو/أيار 2025) رسميا العقوبات الاقتصادية عن سوريا، في تحول كبير للسياسة الأمريكية بعد الإطاحة برئيس النظام السابق بشار الأسد، يفسح المجال أمام استثمارات جديدة في البلد الذي دمرته الحرب.
من جانبها رحبت سوريا بقرار رفع العقوبات الأمريكية واعتبرته “خطوة إيجابية”.
وجاء في بيان لوزير الخزانة سكوت بيسنت أنه يجب على سوريا “مواصلة العمل لكي تصبح بلدا مستقرا ينعم بالسلام، على أمل أن تضع الإجراءات المتخذة اليوم البلاد على مسار نحو مستقبل مشرق ومزدهر ومستقر”.
وقال وزير الخارجية ماركو روبيو في بيان إنه أصدر إعفاء لمدة 180 يوما من العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر لضمان عدم إعاقة العقوبات للاستثمارات وتسهيل توفير الكهرباء والطاقة والمياه والرعاية الصحية وجهود الإغاثة الإنسانية.
إعفاء مشروط
وتأتي الخطوة تنفيذا لقرار اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الأسبوع الماضي. فخلال جولة خليجية، أعلن ترامب على نحو مفاجئ أنه سيرفع العقوبات عن سوريا، لافتا إلى أن قراره يأتي استجابة لطلبات تركيا والسعودية.
ووفق وزارة الخزانة فإن رفع العقوبات يشمل الحكومة السورية الجديدة شرط عدم توفيرها ملاذا آمنا لمنظمات إرهابية وضمانها الأمن لأقليات دينية وإثنية.
وقال البيت الأبيض بعد لقاء ترامب مع الشرع قبل أيام إن الرئيس طلب من سوريا الالتزام بعدة شروط مقابل تخفيف العقوبات، بما في ذلك مطالبة جميع المسلحين الأجانب بمغادرة سوريا وترحيل من وصفهم بـ “الإرهابيين الفلسطينيين” ومساعدة الولايات المتحدة في منع عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية.
وأصدرت وزارة الخارجية قرارا بإعفاء سوريا لمدة ستة أشهر من مجموعة صارمة من العقوبات التي فرضها الكونغرس في عام 2019 وأمرت وزارة الخزانة بوقف تنفيذ العقوبات ضد أي شخص يقوم بأعمال تجارية مع مجموعة من الأفراد والكيانات السورية، بما في ذلك البنك المركزي السوري.
وصحيح أن من شأن تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا أن يفسح المجال أمام مشاركة أكبر للمنظمات الإنسانية العاملة في سوريا وتشجيع الاستثمار الأجنبي والتجارة مع إعادة إعمار البلاد، لكن الولايات المتحدة فرضت طبقات من الإجراءات على سوريا وعزلتها عن النظام المصرفي الدولي وحظرت العديد من الواردات الدولية، ويمكن أن يؤدي احتمال عودة العقوبات على بلد ما إلى تثبيط استثمارات القطاع الخاص.
خدمات واستثمارات
وتزامنا أصدرت وزارة الخارجية إعفاء من العقوبات يمكِّن الشركاء الأجنبية والحليفة من المشاركة في إعادة إعمار سوريا، ما يمنح شركات ضوءا أخضر لمزاولة الأعمال في البلاد.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في بيان الجمعة إن الإعفاء من العقوبات من شأنه “تسهيل توفير خدمات الكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي وتمكين استجابة إنسانية أكثر فعالية في جميع أنحاء سوريا”.
ويتيح الإعفاء القيام باستثمارات جديدة في سوريا وتقديم خدمات مالية وإجراء تعاملات على صلة بالمنتجات النفطية السورية.
وأضاف روبيو أن “الإجراءات التي اتخذناها اليوم تمثل الخطوة الأولى نحو تحقيق رؤية الرئيس بشأن علاقة جديدة بين سوريا والولايات المتحدة”.
وخلال الحرب التي استمرت 14 عاما في سوريا، فرضت الولايات المتحدة قيودا شاملة على التعاملات المالية مع البلاد، وشددت على أنها ستفرض عقوبات على كل من ينخرط في إعادة الإعمار طالما الأسد في السلطة.
بعد هجوم قاده إسلاميون العام الماضي وأطاح الأسد، تتطلع الحكومة الجديدة في سوريا إلى إعادة بناء العلاقات مع الحكومات الغربية ورفع العقوبات القاسية المفروضة على البلاد.
وفُرضت معظم العقوبات الأمريكية على سوريا على نظام الرئيس السوري بشار الأسد وشخصيات بارزة في عام 2011 بعد اندلاع الحرب الأهلية هناك.
وقاد الشرع قوات المعارضة التي أطاحت بالأسد في ديسمبر / كانون الأول 2025. ويذكر الترخيص العام على وجه التحديد اسم الشرع، الذي كان مدرجا في السابق تحت اسم أبو محمد الجولاني، من بين الأفراد والكيانات الذين يسمح الآن بالتعامل معهم.
كما يدرج أيضا الخطوط الجوية العربية السورية ومصرف سوريا المركزي وعددا من البنوك الأخرى والعديد من شركات النفط والغاز الحكومية وفندق فور سيزونز دمشق.
وكانت الولايات المتحدة قد وضعت سوريا لأول مرة على قائمة الدول الراعية للإرهاب في عام 1979، ومنذ ذلك الحين أضافت مجموعات إضافية من العقوبات، بما في ذلك عدة جولات في أعقاب انتفاضة البلاد ضد الأسد في 2011.
استقالة محافظ السويداء
من جانب آخر قدم محافظ السويداء مصطفى البكور استقالته أمس الجمعة، ويعود لرئيس الجمهورية أحمد الشرع الموافقة أو عدم الموافقة على طلب الاستقالة، وفق مصادر سورية في العاصمة دمشق.
وتأتي استقالة البكور بعد الاعتداء الذي حصل عليه من قبل مسلحين يوم الأربعاء الماضي داخل مكتبه في مبنى المحافظة.
وشهدت محافظة السويداء جنوب سوريا انتشارا أمنيا كبيرا أمام الدوائر الحكومية في المحافظة.
ونقلت مصادر اعلامية محلية في محافظة السويداء جنوب سوريا أن ” تعزيزات للفصائل المحلية انتشرت أمام فرع الأمن الجنائي في السويداء، تمهيدا لانتشارها أمام مختلف المؤسسات الحكومية، بهدف دعم تفعيل الضابطة العدلية”، وفق إعلان الفصائل المحلية.
وأضافت المصادر: “يأتي انتشار الفصائل يأتي استجابة لنداء مشيخة العقل ومرجعيات المحافظة يوم أمس بدعم دور الضابطة العدلية والمؤسسات الشرطية، تطبيقا للاتفاق الأخير في الأول مايو/ أيار 2025، بتفعيل الشرطة من أبناء المحافظة لضبط القانون.
وهذه أول استقالة لمسؤول حكومي رفيع بعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن ديسمبر/ كانون الأول 2024.