السعودية ترسم ملامح مستقبل الطيران الرقمي بتشغيل أول برج مراقبة جوية افتراضي في المنطقة

في إنجاز نوعي يعكس تسارع خطوات التحول الرقمي في قطاع الطيران، دشّنت السعودية أول برج مراقبة افتراضي في الشرق الأوسط لإدارة الحركة الجوية من بُعد، وذلك في مطار العُلا الدولي.
ويُمثّل هذا المشروع نقلة إستراتيجية في تحديث البنية التحتية للمطارات السعودية، ويعزز مكانة العُلا كمركز لوجيستي عالمي شمال غرب المملكة، إلى جانب دوره في دعم نمو السياحة وتبني أحدث تقنيات الملاحة الجوية.
كما يُعدّ هذا المشروع الحيوي، الذي نفذته شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية (SANS)، خطوة إستراتيجية نحو التحول الرقمي الكامل لخدمات الملاحة الجوية، بما يتماشى مع مستهدفات الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية.
كيف يعمل البرج الافتراضي؟
تجري عملية إدارة الحركة الجوية لمطار العُلا من بُعد بالكامل من مركز البرج الافتراضي الواقع في مطار الملك عبد العزيز الدولي في مدينة جدة. ويأتي هذا التشغيل بموجب مذكرة تعاون مع الهيئة الملكية لمحافظة العُلا، وبعد استيفاء جميع متطلبات السلامة والأمان والحصول على رخصة التشغيل من هيئة الطيران المدني.
“شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية تدشّن أول برج مراقبة افتراضي عن بعد في الشرق الأوسط”؛ معالي وزير الإعلام خلال المؤتمر الصحفي الحكومي.pic.twitter.com/wb1G4I0A33
— وزارة الإعلام (@media_ksa) September 29, 2025
ويعتمد النظام على بنية تحتية رقمية متقدمة تشمل:
- كاميرات فائقة الدقة: تغطي هذه الكاميرات زاوية قدرها 360 درجة، وتوفر رؤية بانورامية شاملة للمطار والأجواء المحيطة.
- أجهزة استشعار متطورة: تُستخدم هذه الأجهزة لجمع البيانات البيئية والجوية بدقة عالية.
- تقنيات الذكاء الاصطناعي: يعتمد النظام على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات لحظيًا وتقديم رؤية شاملة للوضع الجوي والطيران.
المزايا التشغيلية والاستدامة البيئية:
يوفر برج المراقبة الافتراضي حزمة من المزايا التشغيلية والاستدامة التي تخدم مستقبل الطيران:
- زيادة الكفاءة والسلامة: يعمل النظام على تحسين انسيابية الحركة الجوية عبر التحليلات اللحظية والبيانات الفورية، مما يرفع مستويات السلامة والفاعلية التشغيلية من خلال تقليل احتمالات الازدحام أو التعارض.
- خفض التكاليف ودعم البنية التحتية: يدعم البرج جودة البنية التحتية للمطار ويقلل بنحو كبير من التكاليف الإنشائية والتشغيلية المعتادة للأبراج التقليدية.
- الاستدامة البيئية: من خلال التصميم المبتكر والتشغيل من بُعد، يسهم النظام في الحد من التأثيرات البيئية لعمليات المطار، مما يعزز الاستدامة.
المستقبل الرقمي للطيران:
أكد عبد العزيز الدعيلج، رئيس هيئة الطيران المدني، أن تشغيل البرج يمثل خطوة مهمة نحو التحول الرقمي في القطاع، ويأتي متوافقًا مع مستهدفات البرنامج الوطني للطيران. وأضاف أن الهيئة وضعت اللوائح والمعايير الدولية اللازمة، وقامت بترخيص الكفاءات والبرامج الرقابية لضمان أعلى مستويات السلامة.
ومن جانبه، أفاد المهندس عبد العزيز الزيد، الرئيس التنفيذي لشركة خدمات الملاحة الجوية السعودية، بأن البرج ليس مجرد تطبيق تقني، بل هو خطوة إستراتيجية نحو مستقبل رقمي مبتكر. وأكد الزيد: “بتشغيله نحقق نقلة نوعية في الكفاءة التشغيلية، مما يعكس التزامنا ببناء بيئة ذكية ومستدامة تلبي التطلعات المستقبلية”.
#فيديو_واس | الرئيس التنفيذي لشركة خدمات الملاحة الجوية السعودية يتحدث عن تشغيل أول برج مراقبة افتراضي في مطار العلا الدولي.#واس_عام pic.twitter.com/Odz4IdPKJL
— واس العام (@SPAregions) September 29, 2025
ريادة إقليمية نحو المستقبل:
يُمثّل تدشين برج المراقبة الافتراضي محطة فارقة ضمن مساعي المملكة العربية السعودية لترسيخ موقعها الريادي في قطاع الطيران إقليميًا وعالميًا، إذ يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التطوير الشامل في خدمات الملاحة الجوية. فالمشروع لا يقتصر على تشغيل برج مراقبة افتراضي هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط، بل يعكس التزامًا إستراتيجيًا بتبنّي أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا الرقمية وتقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة الحركة الجوية.
ويأتي هذا التطور في إطار رؤية المملكة 2030، التي تضع الابتكار والتحول الرقمي في صميم إستراتيجياتها، من خلال بناء بنية تحتية متكاملة تُواكب معايير الجودة والسلامة العالمية، وتُعزّز من كفاءة وموثوقية الخدمات المقدمة. كما يعكس المشروع حرص السعودية على تعزيز قدرتها التنافسية على خريطة الطيران العالمية، ليس فقط عبر تحسين الكفاءة التشغيلية ورفع مستويات السلامة، بل أيضًا عبر توفير حلول مستدامة تسهم في تقليل التكاليف ودعم حماية البيئة.