الأخبار السياسية

وادي النصارى.. مقتل شقيقين يعيد مطالب العدالة وضبط السلاح

Reading Time: 1 minute

شهدت قرية عناز في وادي النصارى بريف حمص، جريمة قتل لشقيقين من المكون المسيحي، في سياق عدة حوادث قتل متتالية، فتحت الدعوات من ناشطين لتفعيل مسار العدالة الانتقالية وضبط السلاح، وسط روايات متضاربة حول هوية الجناة وأهدافهم.

وأفاد مراسل عنب بلدي بمقتل شقيقين في قرية عناز في وادي النصارى، في ريف حمص الغربي، الأربعاء 1 من تشرين الأول، على يد ملثمين مجهولي الهوية، وإصابة شخص ثالث، ليس من عائلتهما.

وقال المراسل إن الجريمة نفذها ملثمان يستقلان دراجة نارية، واستهدفا الشقيقين، وسام وشفيق جورج منصور، أمام مكتب المختار في القرية، على أن الجناة فروا، بعد العملية على الفور.

وشهدت قرية “عناز” إضرابًا واحتجاجات وقطع الطريق، عقب الجريمة، حيث أشار المراسل إلى أن الأهالي منعوا دوريات الأمن العام، في بادئ الأمر من الدخول إلى القرية، لكن جرى تسوية الأمر ودخلت القوى الأمنية لمتابعة الحادثة.

ويُعرف وادي النصارى بتركيبته السكانية ذات الغالبية المسيحية، إذ يضم نحو 40 قرية، ويجاوره قرى من طوائف مختلفة أبرزها قلعة الحصن والزارا.

المجلس المحلي لمدينة قلعة الحصن، أصدر بيانًا أدان ما وصفها بـ “الجريمة النكراء”، رافضًا بشكل قطعي “الزج باسم قلعة الحصن أو أبنائها في مثل هذه الأعمال التي لا تمتّ لأخلاقنا وقيمنا وتاريخنا المشترك مع جيراننا في وادي النصارى بصلة”.

واعتبر المجلس أن هذا العمل “الشنيع” لا يقوم به إلا ما سماه بـ “الفلول” (فلول النظام السابق) في محاولة واضحة لـ”تخريب أجواء الانتخابات” (انتخابات مجلس الشعب) و”تعكير السلم الأهلي”، و”زرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد”.

وختم البيان أن “الدم السوري واحد، والمصيبة واحدة”، وأن “العدو الحقيقي” ومن يسعى لـ”إشعال الفتن وضرب السلم الأهلي والعيش المشترك” بين مكونات المنطقة.

وطالب، المجلس الجهات المختصة بكشف هوية الجناة ومحاسبتهم بأسرع وقت، مشددًا على “ضرورة” عدم الانجرار “وراء الشائعات ومحاولات التحريض التي تخدم أجندات معادية لمجتمعنا ووطننا”.

تأخر العدالة الانتقالية

في السياق ذاته، طالب مدير شبكة “مسيحيي سوريا لدعم الثورة السورية”، مروان عبيد، المجتمع في وادي النصارى عبر “فيسبوك“، اليوم 2 من تشرين الأول، بـ “التهدئة وانتظار تحقيقات الدولة”، معتبرًا أن هذه الأحداث “يقف خلفها فلول الأسد ليتاجروا بكم ويورطوكم ضد الدولة”، على حد قوله.

وأشار في منشور آخر أن ماجرى في قرية عناز في هو “جريمة نكراء” وضحاياه ليس فقط من سقطوا، بل هو “السلم الأهلي والأمن والأمان”، وهو أهم شيء في “سلم أولويات بناء الدول”، على حد تعبيره.

ويرى عبيد أن “الجريمة جريمة حتى لو كانت بحق أي شخص ومن أي مكون”.

واعتبر أن هناك “أيادٍ خفية ومعلومة بالوقت نفسه” (لم يسمها) تقف وراء ذلك كله، مضيفًا أن المسؤولية جماعية والكل مسؤول مجتمعًا وحكومة وأمن وقضاء، لكن تضخيم الفعل لصالح مآرب آخرى، لا يخدم إلا من يقف خلفه، وفق مدير الشبكة.

وطالب عبيد الحكومة بتسريع تفعيل العدالة الانتقالية قبل أن “نغرق في مستنقع من دم العدالة الانتقامية”.

الناشطة “م.ط”  (22 عامًا) من قرية عناز، قالت لعنب بلدي إن هناك حساسية منذ زمن بين أهل قلعة الحصن والحواش وعناز (قرى في وادي النصارى ومحيطه) جراء ما جرى خلال الثورة، حيث كان هناك عدد كبير من شبان الوادي منتسبين لصفوف النظام السابق، وفي المقابل كانت القلعة في صف الثورة، وجرت انتهاكات متبادلة بين الطرفين في السابق.

وأشارت الناشطة إلى أنه بعد سقوط النظام، حاول العديد من الأشخاص إطلاق تهديدات ثأرية ضد أشخاص بعينهم، في قرية عناز، مضيفة أن هناك قصص يمكن الحديث عنها، وقصص يتم التغافل عنها، من قبل الأهالي، لحفظ الأمن والسلم.

وقالت إن الجريمة دفعت سكان القرية لـ “الجنون”، حيث شهدت المنطقة احتجاجات غاضبة، وأشارت إلى أن الجناة “مروا عبر حاجز الأمن العام الذي يحمي البلدة، دون أن يوقفهم”.

ولم تستطع عنب بلدي التثبت من هذه الجزئية (مرور الجناة دون إيقافهم من الأمن العام) بشكل مستقل.

وطالبت الناشطة، الحكومة بالقيام بواجباتها، لـ”إنفاذ العدالة الانتقالية ومحاسبة كل المجرمين، من كافة الطوائف”.

ثلاثة مصادر من ريف حمص الغربي، هم صحفيان ومحامٍ، أكدوا لعنب بلدي، أن أحد القتلى كان متعاونًا مع ميليشيا “الدفاع الوطني” التي تزعمها، بشر يازجي، مستشار رئيس النظام المخلوع، بشار الأسد.

وقال المحامي إن الفترة الأخيرة شهدت إجراء “تسويات مشبوهة” لعدد من المتورطين بانتهاكات ضد السوريين في ريف حمص الغربي، وتحديدًا في قرية قلعة الحصن، وكان أحد القتلى في قرية عناز، من بينهم، متسائلًا، “ما ذنب أهل وادي النصارى الآمنين المطمئنين، من أن يدفعوا ثمن تسوية لا شأن لهم لها؟”.

وتابع أن إجراء التسويات بهذا الشكل دفع البعض للقيام بأعمال “ثأرية خارجة عن القانون”، داعيًا الدولة بالسرعة القصوى لتفعيل مسار العدالة الانتقالية، وضبط السلاح، مع إجراء مسار مصالحة وطنية، قائمة على جبر الضرر، وتقديم المتورطين مع النظام إلى العدالة.

صحفي من قرية قلعة الحصن، أكد رواية المحامي، واتهم بشر اليازجي ومجموعته، بأنهم مسؤولون عن اختفاء مايقرب 112 طفل وامرأة، خلال النصف الأول من عام 2014، إضافة، إلى قتله أكثر من 700 شخص بين عامي 2012 و2014، داعيًا إلى الامتناع عن إجراء تسويات مشبوهة، مع ما سماهم “مجرمي الحرب” وتفعيل مسار العدالة.

أما الصحفي الثالث، فقال إن جريمة القتل، ارتكبها اثنان ملثمان، يرتدون لباسًا أسودًا، لا يمتان للأمن العام بصلة.

وتساءل: “كيف للأمن المكلف بالحماية، والمزود بتعليمات صارمة حول عدم التعرض لأحد، أن يقوم بهذا الفعل؟”.

واعتبر الصحفي، أنه لقرب المنطقة من الحدود اللبنانية- السورية، فمن المحتمل أن المنفذين قد تلقوا تدريبات، على طريقة الاغتيال هذه من “حزب الله اللبناني، في مسعى لضرب أي استقرار في سوريا، يضر راعيته إيران على المدى الطويل.

ولم تستطع عنب بلدي التثبت من المعلومات المتعلقة بدور “حزب الله”، أو جهات خارجية، بشكل مستقل.

دور الدولة وردها

الناشط في الدفاع عن حقوق الإنسان، وعضو مجلس إدارة المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، ميشيل شماس، أشار إلى أن الحادث في قرية عناز، لا ينفصل عن الحوادث التي سبقتها سواءً في حيالين، أو جدرين، حيث شهدت تلك المنطقتين حوادث قتل في الأيام الأخيرة.

المحامي السوري، اعتبر في فيديو نشره عبر قناته في “يوتيوب” اليوم، أن هذه الحوادث حلقات متتابعة من “مسلسل انفلات السلاح وانتشاره بشكل مخيف بين الناس”.

وأضاف، أن ما يجمع بينها ليس فقط توقيتها المتقارب، بل نمطها المتكرر (سلاح منتشر، ملثمون، قتل مدنيين).

وفي مواجهة هذا الواقع، وفق المحامي السوري، كان يجب على السلطة، المبادرة إلى تقديم خطة واضحة، لـ “ضبط الأمن وسحب السلاح وجمعه، ومساءلة المتورطين في استخدامه”، وليس أن تترك الساحة للتفسيرات الإعلامية، ومواقف المؤيدين للسلطة “الذين يروجون لفكرة أن فلول النظام أو جهات خارجية خلف الموضوع”.

ولا يستبعد المحامي السوري أن يكون فلول النظام أو جهات خارجية، تقف وراء بعض عمليات القتل، لكنه اعتبر أن هذا النمط من التبرير، “لا يفسر عجز السلطة فحسب، بل يثير التساؤلات حول وجود إرادة حقيقة لضبط السلاح”.

ويرى شماس أنه على السلطة اليوم واجب “إطلاق حملة وطنية لسحب السلاح المنفلت، وجمعه من بين الناس”، على أن ترافقها اجراءات قانونية واضحة وصارمة، وآليات رقابة مستقلة وضمانات بـ “عدم التمييز”.

قائد الأمن الداخلي في محافظة حمص، العميد مرهف النعسان، قال في تصريحات نشرتها معرفات وزارة الداخلية الرسمية، إن الهدف من “الجريمة النكراء بحق الشبان في وادي النصارى”، هو “زعزعة الأمن وإثارة الرعب في المنطقة، ومحاولة التأثير على العملية الانتخابية لمجلس الشعب”.

وأشار إلى أن الجهات المختصة، باشرت فورًا باتخاذ الإجراءات اللازمة لتطويق المنطقة، ومتابعة مجريات الحادث، والعمل على “ضبط الجناة وتقديمهم إلى العدالة”.

ودعا النعسان، المواطنين إلى التحلي بالهدوء، وتجنب الانجرار وراء الشائعات أو الاستفزازات، مع استمرار التحقيقات بـ”دقة وحرص لكشف جميع ملابسات الحادث”، وضمان إحالة كل من “يثبت تورطه إلى القضاء المختص لينال الجزاء العادل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى