الأخبار المحلية

رحلة بدأت تحت الركام وانتهت في صفوف الحكومة.. تعرف على محطات رائد الصالح الملهمة

Reading Time: 1 minute

بعد أكثر من عقد من قيادة واحدة من أنبل المهام الإنسانية في سوريا، كُلّف رائد الصالح بتولي وزارة الطوارئ والكوارث في الحكومة السورية الجديدة، تتويجاً لمسيرةٍ بدأت من تحت الأنقاض ووصلت إلى منصات العالم، فمنذ انطلاقه مع تأسيس الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) عام 2013، لعب دوراً محورياً في بناء مؤسسة رصينة، أنقذت أرواحاً لا تُحصى في بلد أنهكته الحرب، ووثّقت انتهاكات كادت تُصدق لولا كاميرات المتطوعين.

لم يكن طريق الصالح نحو هذا الدور مفروشاً بالمناصب، بل بدأ من التجارة، قبل أن يجد نفسه، في خضم الاستجابة الإنسانية للنازحين على الحدود السورية التركية، ومن ثم، انطلقت رحلته الحقيقية، حين شارك في أولى دورات تدريب فرق الإنقاذ في إسطنبول، لتتكوّن لاحقاً نواة “الخوذ البيضاء”، ويقودها في معارك لا تقل شراسة عن الميدان: معارك الحياد، والمصداقية، والدفاع عن الحق في الحياة.

اليوم، وهو يتسلّم حقيبة الطوارئ والكوارث، يحمل الصالح إرثاً ثقيلاً من الخبرة الميدانية، والمعرفة التراكمية، والصلابة الإدارية التي اكتسبها من قيادة مؤسسة خسرت أكثر من 300 متطوع، ولم تنكسر، وانتقل بذلك من قيادة مبادرة مدنية إلى إدارة مؤسساتية، لكن بروحٍ لا تزال ميدانية، وأولويتها الأولى: الإنسان.

من هو رائد الصالح؟

برز رائد الصالح كأحد أبرز الشخصيات الإنسانية في سوريا، بعدما قاد منظمة الدفاع المدني السوري، وجاءت بداياته بعيدة عن ميادين الإسعاف والطوارئ؛ فقد بدأ حياته المهنية في قطاع التجارة، ولاحقاً، وجد نفسه -ككثير من السوريين- مضطراً للانتقال إلى أعمال جديدة فرضها الواقع، حيث تولّى مهام إدارة وتوزيع المساعدات في المخيمات على الحدود السورية التركية، ونقل الجرحى لتلقي العلاج داخل تركيا، وقاده هذا التحوّل إلى مسار مختلف تماماً، حيث شارك في النواة الأولى لتأسيس “الخوذ البيضاء”.

1

وبدأ التأسيس العملي للمنظمة في حزيران 2013، حين شارك الصالح في أول دورة تدريبية نُظّمت في إسطنبول، تمهيداً لإطلاق فرق إنقاذ تعمل في الشمال السوري، وبعد أكثر من عام، وتحديداً في 25 تشرين الأول 2014، وُقّع الميثاق التأسيسي الذي جمع تلك الفرق تحت مظلة واحدة، وأُعلن رسمياً عن تأسيس منظمة الدفاع المدني السوري.

444

وتميّزت قيادة الصالح بالتزام صارم بالحياد، فخلال عشر سنوات، رفضت “الخوذ البيضاء” الانحياز لأي طرف سوى الحقيقة، وركّزت جهودها على إنقاذ الأرواح، ورفع الأنقاض، وإطفاء الحرائق، من دون تفرقة بين مدني وآخر، وتحوّلت إلى بديل شعبي لمؤسسات حكومة النظام المخلوع التي فقدت مصداقيتها.

ولم تكن تلك المسيرة من دون تضحيات، إذ خسرت المنظمة أكثر من 300 متطوّع خلال العمليات، ورغم ذلك، بقيت فرق الإنقاذ في الميدان، من درعا إلى حمص، ومن غوطة دمشق إلى حلب وإدلب، وصولاً إلى زلزال شباط 2023 المدمّر، حيث كانت “الخوذ البيضاء” أول المستجيبين رغم غياب الدعم الدولي.

وفي حديث سابق لتلفزيون سوريا، استذكر الصالح لحظات البدايات التي لا تُنسى، منها انفجار سوق دركوش بريف إدلب عام 2013، حيث وقف عاجزاً أمام مشهد الدمار الكامل، وبعد عامين، عادت فرق الدفاع المدني إلى ذات المكان إلا أنها كانت مجهَّزة وقادرة؛ ونجحت بإعادة السوق إلى الحياة، ويعلّق على هذه المفارقة بالقول: “من لحظة عجز إلى لحظة أمل، وهنا يكمن جوهر عملنا”.

صوت للسوريين في المحافل الدولية

وخلال السنوات الماضية، شارك الصالح في العديد من المؤتمرات والاجتماعات الدولية حول سوريا، من بينها حضوره جلسات لمجلس الأمن، حيث تولّى الدفاع عن حقوق السوريين، مسلّطاً الضوء على الانتهاكات التي ارتكبها النظام المخلوع وحلفاؤه.

6566

وحظي الصالح بتكريم واسع، إذ نال عدة جوائز محلية ودولية، أبرزها اختياره ضمن قائمة أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم لعام 2017، الصادرة عن مجلة “تايم”، وتحت قيادته، حصدت منظمة الدفاع المدني السوري أكثر من 30 جائزة دولية، كما رُشّحت لنيل “جائزة نوبل للسلام” لثلاث سنوات متتالية: 2016، 2017، و2018، وتُوّجت جهود المنظمة في عام 2017 بإنتاج فيلم وثائقي قصير بعنوان The White Helmets، حاز على “جائزة الأوسكار” لأفضل فيلم وثائقي قصير.

ورغم الانشغال على مختلف الأصعدة، حرص الصالح على مواصلة دراسته، فحصل عام 2023 على شهادة بكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة ماردين آرتوكلو التركية، بعدما نال شهادة مماثلة عام 2017 من الأكاديمية العربية في الدنمارك.

 

شارك هذا المقال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى