الأخبار السياسية

مخيم “الهول”.. ورقة “قسد” الرابحة مهددة بالسقوط

Reading Time: 1 minute

عنب بلدي – أمير حقوق

يمثل مخيم “الهول” ملفًا سياسيًا أساسيًا بين حكومة دمشق و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، إذ تعتبره الأخيرة ورقة رابحة في يدها، فيما تشير التفاهمات والتطورات بين دمشق وقوى إقليمية ودولية إلى إمكانية سحب الورقة من يد “قسد”.

ويشهد مخيم “الهول”، الذي يضم عائلات مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” شرقي محافظة الحسكة السورية، في الفترة الأخيرة، تحركًا داخليًا وخارجيًا ملحوظًا.

التحركات الأخيرة تمثلت ببدء إخراج عائلات المقاتلين إلى داخل سوريا أو إلى العراق، بهدف الإفراغ التدريجي للمخيم، بالتوازي مع حدوث توترات أمنية.

وفي الأيام الماضية، كشفت إدارة المخيم تحركات لخلايا تابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية”، تقوم بأعمال حرق وتخريب واعتداءات جسدية داخله، معتقدة أن ما يحصل يعود لعمل منظم تقوده خلايا التنظيم خارج المخيم، تترافق مع عودة العائلات وإفراغه تدريجيًا.

خطر أم استثمار سياسي

مصدر عسكري في “قسد”، غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، قال لعنب بلدي، إن المخيم يشكل تهديدًا أمنيًا كبيرًا، حيث تشن هجمات مسلحة بشكل متكرر، وتحدث عمليات قتل داخله، وتشن قوى الأمن الداخلي التابعة لـ”قسد” حملات أمنية دورية لملاحقة خلايا التنظيم داخل المخيم.

وأكد أن المنظمات الإنسانية العاملة في المخيم تتعرض لضغوط وتهديدات من قبل جماعات مسلحة، مشيرًا إلى أن المخيم يضم أفرادًا من عائلات مقاتلي التنظيم، ويعتقد أن هناك نشاطًا لتجنيد وتدريب الأطفال على الفكر “المتطرف” داخل المخيم.

بدوره، الصحفي والباحث السياسي سامر الأحمد، قال لعنب بلدي، إن المخيم منذ إنشائه كان يضم 70,000 شخص، ثم نقص العدد لـ30,000 شخص، وهو يتناقص باستمرار، معتقدًا أن وجود الفساد ضمن مسؤولي الحراسة، سهّل تهريب الكثير من قيادات التنظيم ورجاله، وهناك تقارير كشفت عن المبالغ التي يتلقاها مسؤولو الحراسة لتهريبهم.

ويعتقد الأحمد أن المخيم “قنبلة موقوتة صغيرة” تهدد الشرق الأوسط، وتستفيد منها “قسد” ودول أخرى.

وحول العمليات الأخيرة داخل المخيم، وصفها بـ”تشويش، وتمردات”، تنتهي فورًا على الأرض، لكن “قسد” تستثمرها سياسيًا، من أجل بقاء الدعم الدولي.

ويرى أن معالجة ملف المخيم مهم جدًا على المستوى السياسي، أي يأخذ ورقة سياسية كبيرة من “قسد”، لأنها تحاول تحت ذريعة المخيم الحصول على دعم أمريكي، والتذرع بعدم تسليم المنطقة، أو تطبيق الاتفاق، وهذه المعالجة ستؤثر على قضايا سياسية كثيرة.

إخراج دفعات متتالية

قالت “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا، إنها اتفقت مع الحكومة السورية على تنظيم آلية تهدف لإخراج العائلات السورية من مخيم “الهول”، في آواخر أيار الماضي.

وبعدها بدأت تتجه قوافل محملة بالعائلات من داخل المخيم إما لداخل المناطق السورية، كريف حلب، وإما إلى العراق، إذ أكدت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية أنها أعادت نحو 15,000 عراقي من المخيم، ضمن خطة لإغلاق ملف النزوح الخارجي.

المصدر العسكري في “قسد”، أكد أنها توصلت إلى اتفاق مع الحكومة السورية في دمشق لإجلاء المواطنين السوريين من مخيم “الهول”، ينص على وجود “آلية مشتركة” لإعادة العائلات السورية من المخيم إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية.

تم التوصل إلى هذا الاتفاق بعد اجتماع ضم ممثلين عن “الإدارة الذاتية” والحكومة السورية ووفد من “التحالف الدولي” بقيادة الولايات المتحدة، معتبرًا أن الاتفاق يأتي في إطار محاولات لتعزيز التعاون بين الطرفين، إلا أن هناك ملفات معقدة أخرى ما زالت قيد النقاش بينهما.

وأشار إلى أن هناك خطة لإفراغ المخيم من السوريين، وقد خرجت دفعات من العائلات السورية إلى مناطق مختلفة مثل دير الزور وحلب، هذه العودة تتم بالتعاون بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والحكومة السورية، وأيضًا غادرت دفعات من العراقيين إلى مخيم “الجدعة” في محافظة الموصل.

عمليات الخروج جاءت ضمن برامج “العودة الطوعية”، التي تشرف عليها منظمات دولية مثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبالتعاون بين “قسد” والحكومات المعنية، وفق ما أوضحه المصدر.

اتفاقية بين دمشق وواشنطن

الصحفي والباحث السياسي سامر الأحمد، قال إن العراق أعلن بالتعاون مع الأمم المتحدة عن خطة لإعادة العائلات، وفعلًا أعيدت مئات العائلات، والحكومة السورية بالتعاون مع منظمات دولية والولايات المتحدة بدأت بإعادة عائلات لمناطق سيطرتها، لتفريغ المخيم تدريجيًا.

الاتفاقية لعودة العائلات هي ليست بين حكومة دمشق و”قسد”، بل بين حكومة دمشق والولايات الأمريكية، ووفد الحكومة زار مخيم “الهول”، منذ فترة برفقة “التحالف الدولي”، وليس برفقة “قسد”، وهذا يدل على الاتفاق بينهما، وهو مهم، لأن أمريكا تصريحاتها واضحة بضرورة تسلم الحكومة سجون التنظيم، وإنهاء مشكلة مخيم “الهول”، واليوم هناك تفاهمات بين الحكومة السورية، ونظيرتها العراقية بهذا الخصوص، بحسب الباحث الأحمد.

أوضاع إنسانية متردية

لا تقتصر مشكلات المخيم على التوترات الأمنية فقط، بل يعاني أيضًا من تردي الأوضاع الداخلية، خاصة الإنسانية سواء المعيشية أو السكنية، بحسب ما أوضحته المنظمات الدولية، ومطلعون على واقع المخيم، معتبرين أن سكان المخيم بحاجة إلى دعم إنساني عاجل.

صحفية تعمل في وسائل إعلام “قسد”، فضلت عدم ذكر اسمها لأسباب أمنية، قالت لعنب بلدي، إن المخيم يوصف بأنه أقرب إلى معسكر احتجاز، حيث يعيش عشرات الآلاف في ظروف غير إنسانية، ويعانون من نقص في الخدمات الرئيسة مثل الرعاية الصحية والأدوية، وخصوصًا في فصل الشتاء حيث تغرق الخيام بمياه الأمطار.

“مئات الأشخاص، أغلبيتهم من الأطفال، توفوا في المخيم لأسباب متعددة مثل سوء التغذية ونقص الرعاية الصحية”، وفق تعبيرها.

الصحفي والباحث السياسي سامر الأحمد، قال لعنب بلدي، إن الواقع الحالي ضمن مخيم “الهول” مؤلم، لأنه يقع في منطقة نائية صحراوية تبعد عن الحسكة حوالي 30 أو 40 كم، قرب الحدود العراقية، واليوم يعاني سكان الخيام فيه من موجات حر مرتفعة، بظروف صحية سيئة، بالتوازي مع قلة الموارد والمياه والمساعدات.

وأضاف أن المنظمات الدولية عاجزة عن تأمين المستلزمات في ظل نقص الدعم الدولي، ونظرًا إلى العدد الكبير في المخيم.

لا علاقة للمخيم بنشاط التنظيم

ترافقت التوترات الأمنية التي حدثت بمخيم “الهول” مع عودة نشاط التنظيم في سوريا، خاصة في محافظات دمشق ودير الزور وإدلب وحلب.

وربط بعض الخبراء والمحللين بين عودة التحركات ضمن المخيم واستئناف نشاط التنظيم.

الباحث السياسي سامر الأحمد، يرى أن نشاط تنظيم “الدولة” حاليًا في سوريا لا علاقة له بالتحركات التي يشهدها مخيم “الهول” مؤخرًا، ونشاط تنظيم “الدولة” هو استراتيجية يتبعها التنظيم، وفق إعلاناته خلال الأسابيع والأشهر الماضية، عبر تصعيد هجماته ضد حكومة دمشق، وضد “قسد”، وفي المناطق الهشة بريف دير الزور.

والتنظيم يستغل حالة “الحنق الشديد” من السوريين العرب الموجودين تحت سلطة “قسد”، ويحاول التغلغل بهذه المناطق، ومهاجمة حواجز “قسد”، ومعظم القتلى الذين سقطوا على حواجز “قسد”، هم من المقاتلين المجندين إجباريًا من العرب، وبالتالي القصة معقدة استراتيجيًا، وبالتأكيد التنظيم هدفه هو تحرير عناصره.

ومع توقيع تفاهمات (سورية- أمريكية- تركية- أردنية- عراقية) من أجل مراقبة ومتابعة خلايا التنظيم، وتعقبهم واعتقالهم، أصبحت “قسد” خارج الحسابات في هذا الملف، وما هي إلا أشهر، حتى تفقد أولوية الدعم الدولي بمحاربة التنظيم، وفق الباحث الأحمد.

وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، قال خلال مقابلة له، إن خطر تنظيم “الدولة” لا يزال قائمًا في سوريا، وإن الوزارة تواصل العمل لمكافحته بكل الوسائل المتاحة، مشيرًا إلى التنسيق مع وزارة الداخلية، تبعه تحذير من مسؤولين من الأمم المتحدة والولايات المتحدة بأن التنظيم أظهر نشاطًا متجددًا في سوريا واستعاد قوته، واستقطب مقاتلين جددًا وزاد من عدد هجماته، ما يزيد خطر عدم الاستقرار في سوريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى