السياسات الصحية في سورية: التشخيص واستشراف آفاق المستقبل

الملخص التنفيذي
يناقش هذا التقرير واقع السياسات الصحيّة في سورية، ويعرض التحوّلات التي شهدها القطاع الصحي خلال العقود الماضية، مع التركيز على فترة ما بعد عام 2011، حيث أدى النزاع إلى تدهور عميق في البنية التحتية الصحية، وتراجع في مؤشرات الصحة العامة، وفقدان قسم كبير من الكوادر الطبية، وانهيار شبه كلّي للمنظومة الصحية في العديد من المناطق.
قبل عام 2011، ساد نموذج صحي قائم على هيمنة القطاع العام، وتوسّعت البنية التحتية الصحية بشكل كمي، غير أن ذلك لم يترافق مع تحسينات نوعية، وظلّ النظام الصحي يعاني ضعفًا بالحَوكمة، ومحدودية العدالة في التوزيع الجغرافي، وغياب الشفافية. أما خلال سنوات الحرب، فقد تحوّل النظام الصحي إلى أداة سياسية وأمنية، حيث غابت السياسات الوطنية الشاملة، وتعددت الجهات الفاعلة من دون تنسيق فعال في ما بينها، فتكرّس التفاوت المناطقي والاجتماعي، في الحصول على الخدمات الصحية. وتعرّضت المنشآت الطبية لهجمات ممنهجة، وتفشى الفساد، وانهارت الثقة المجتمعية بقدرة الدولة على إدارة القطاع الصحي.
يقترح التقرير رؤية مستقبلية لإعادة بناء النظام الصحي في سورية، تستند إلى ثلاث مراحل متكاملة: الأولى هي مرحلة التعافي المبكّر، وتتضمن إعادة تأهيل البنية التحتية، وإنشاء هيئة وطنية مستقلة للسياسات الصحية، واستعادة نظم المعلومات، وتشجيع عودة الكوادر الطبية. والمرحلة الثانية هي إعادة البناء المؤسسي، وتهدف إلى وضع استراتيجية صحية وطنية شاملة، وتنظيم القطاع الصحي الخاص، وتطوير أنظمة التعليم الطبي، وإنشاء نظام تمويلي عادل وشفاف. والمرحلة الثالثة هي مرحلة التحوّل إلى الاستدامة، من خلال تحديث التشريعات الصحية، وترسيخ الحوكمة، وتطبيق التأمين الصحي التدريجي، والاعتماد على الرقمنة والتطبيب عن بعد، كأدوات للتوسع والفعالية.
ويرتكز التصور المستقبلي للسياسة الصحية في سورية على عدد من المبادئ، أبرزها العدالة الصحّية باعتبارها حقًا دستوريًا، وتفعيل اللامركزية الصحية من خلال مجالس صحية محلية، وتطوير نظم صحية مرنة قادرة على الاستجابة للصدمات، وتعزيز التمكين المجتمعي في الرقابة والتخطيط، والاستثمار في التكنولوجيا الصحية والتأمين الصحّي الشامل.
يمثل هذا التقرير مساهمة معرفية في سياق التفكير بإعادة الإعمار الصحي في سورية، إذ يؤكد أن النهوض بالقطاع الصحي هو شرط أساسي لتحقيق التعافي الإنساني، ولترسيخ أسس المواطنة والعدالة في الدولة السورية المستقبلية.
يمكنكم قراءة التقرير كاملًا من خلال الضغط على علامة التحميل أدناه.