المقالات

تحديات قيام عدالة انتقالية حقيقية في سورية (قراءة تحليلية)

Reading Time: 1 minute

ملخص تنفيذي:

ثمّة تحديات جدية تواجه مسار العدالة الانتقالية المرتقب في سورية، وهي تشكّل خطرًا حقيقيًا يهدّد بتقويض المسار برمّته وبحرمان البلاد من فرصة التعافي، إذا لم يحسِن المعنيّون قراءتها وإيجاد علاجات واقعية ومناسبة لها.

يتناول هذا التقرير أبرز تلك التحديات وأشدّها تأثيرًا، ويُبرز ما قد يترتب عنها من مخاطر، ثم يطرح العلاجات المناسبة والممكنة لها، معتمدًا في كل ذلك على مصدرَين: المصدر الرئيس هو آراء الخبراء والمختصين في الموضوع، والمصدر التكميلي هو تجارب بعض الدول التي عايشت تحديات مشابهة لتحدياتنا، وتصدت لها بقدر وافر من النجاح.

التحديات الرئيسة التي تناولها التقرير هي على الترتيب التالي:

التحديات الناجمة عن شحّ الموارد: وتتلخص في نقص الموارد المادية في مواجهة حجم هائل من التعويضات المطلوبة لجبر أضرار الضحايا، حيث الأضرار فادحة وعدد الضحايا بالملايين. ونتطرق في هذا السياق إلى مخاطر التوزيع غير العادل للموارد المتاحة.

التحديات الناجمة عن نقص التشريعات: وتتلخص في أن مسار العدالة الانتقالية يحتاج إلى نص دستوري ومجموعة من القوانين المتكاملة التي توفّر الغطاء التشريعي المناسب لكلّ محطات هذا المسار، بدءًا من تشكيل هيئة العدالة الانتقالية وتحديد مهامها، مرورًا بكشف الحقائق وتعويض الضحايا وجبر الأضرار، وصولًا إلى إصلاح المؤسسات والمصالحة الوطنية. وكل هذا غير متوفر، والقوانين الموجودة لا تغطي، والمجلس التشريعي غير موجود، والإعلان الدستوري يمنع السلطة التنفيذية، ممثلة بالرئيس، من التشريع. ونتطرق في هذا السياق إلى بعض الثغرات في مرسوم تشكيل هيئة العدالة الانتقالية.

التحديات الناجمة عن ضعف الجهاز القضائي: وتتلخص في أن محاكمة الجناة محطة رئيسة في مسار العدالة الانتقالية، وحجم الانتهاكات ضخم جدًا، وكذلك عدد الضحايا، ما يتطلب جهازًا قضايًا كبيرًا ومختصًا ونزيهًا وموثوقًا. لكن الجهاز القضائي فاسدٌ ومتهالك، وعدد القضاة قليل، والثقة بهم ضعيفة، بسبب شبهة ارتباطهم بالنظام السابق.

التحديات الناجمة عن الإفلات من العقاب: إفلات بعض المجرمين من العقاب يجرح فكرة العدالة، ويحوّلها إلى عدالة انتقائية تترك آثارًا سيئة على مسار العدالة، وعلى قدرة البلاد على التعافي. لكن ثمة أسباب عديدة تدفع باتجاه إفلات كثير من المجرمين من العقاب، وقد جعلنا هذه الأسباب في ثلاث مجموعات:

– أسباب يفرضها الواقع الجيوسياسي، وخروج بعض المناطق عن سيطرة الحكومة، وعدم قدرتها على إخضاع المجرمين الموجودين في تلك المناطق.

– أسباب يفرضها التأثير الاستثنائي لبعض الدول على القرار السوري، وضغط تلك الدول لحماية مجرمين مدعومين من قبلها.

– أسباب يفرضها واقع السلطة نفسها، حيث إنها تضم أو تتحالف مع فصائل وأفراد متورطين في الانتهاكات، وهؤلاء شركاء في التحرير، ومن الصعب تخيّل فكرة السماح بمحاسبتهم.

التحديات الناجمة عن العفو العام: ثمة أسباب قوية تدفع السلطة نحو اللجوء إلى العفو العام، على رأسها الحاجة الملحة إلى الاستقرار. لكن ذلك يُبقي الجراح مفتوحة، ويُبقي حمولات الغضب في الصدور، ويترك الباب مفتوحًا أمام الثأر والانتقام، ويمنع التعافي والتجاوز.

أما أبرز التوصيات والنتائج التي توصل إليها التقرير، بعد تحليل إجابات الخبراء وتحليل بعض التجارب الدولية، فيمكن تكثيفها بما يلي:

أ- لا بدّ من التزام السلطة السياسية بدعم مسار عدالة انتقالية سليم، وتوفير فرص النجاح له.

ب- لا بد من تصميم مسار عدالة انتقالية واقعي خاص بسورية، يراعي الوضع السياسي الهش، والحاجة إلى الاستقرار، والحاجة إلى إرضاء الضحايا والمجتمع المكلوم.

ت- لا بد من إنشاء هيئة عدالة انتقالية كفؤة ومستقلة وحيادية وشاملة وذات صلاحية، تضم خبراء قانونيين وممثلين عن الضحايا والمجتمع المدني. وهذا يتطلب تعديل مرسوم تشكيل الهيئة، وتكليف لجنة جديدة.

ث- لا بدّ من توفير إطار قانوني يغطي مسار العدالة، وهذا يتطلب تعديلًا في الإعلان الدستوري، ومجلسًا تشريعيًا يحظى بأوسع تمثيل ممكن، يعدّل بعض القوانين الموجودة، ويسنّ قانونًا وطنيًا شاملًا ومتكاملًا للعدالة الانتقالية، يلبّي كل متطلباتها.

ج- لا بد من الإسراع بتنقية مؤسسة القضاء من المتورطين والفاسدين، وتأهيل كادر قضائي قادر على التصدي لمتطلبات العدالة الانتقالية.

ح- لا بدّ من وضع معايير واضحة وشفافة لتصنيف الجرائم والانتهاكات، بناء على خطورتها، بغض النظر عن مرتكبيها.

خ- يجب إنشاء محاكم مختلطة، تضمّ قضاة محليين وقضاة دوليين، للتعامل مع الجرائم الجسيمة ومحاكمة كبار المجرمين، على أن تبقى مرجعيتها وطنية، مع الاستفادة من التجارب الدولية في هذا المجال.

د- يجب إنشاء لجان حقيقة ومصالحة مستقلة لجمع الأدلة وتوثيق الانتهاكات وفق المعايير الدولية.

ذ- لا بد من الحرص على المشاركة والشفافية في كل خطوة وكل قرار، ولا سيما في موضوع التعويضات وفي موضوع إعفاء بعض المجرمين من الملاحقة. ولا بد أن يكون لأسر الضحايا ومنظمات المجتمع المدني دور رئيس في كل المسار.

ر- في سياق تصميم وتنفيذ برامج التعويضات وجبر الأضرار، يجب التركيز -إضافةً إلى مسألتي العدالة في التوزيع، والمشاركة والشفافية- على الجوانب الآتية: 1) التعويضات المعنوية والرمزية 2) التعويضات الجماعية المرتبطة بإعادة الإعمار. 3) تمكين الضحايا اقتصاديًا وإعادة تأهيل الفئات الهشة.

ر- لا بدّ من تجنّب العفو العام، عن مرتكبي الجرائم الجسيمة خاصة، وكذلك تجنّب العفو غير المشروط.

ز- من أهمّ الشروط التي توضع على المجرمِين في حال العفو، الاعترافُ الكامل والاعتذار العلني، وإبعاد المجرمين عن المناصب والحياة السياسية، وإلزامهم ببعض التعويضات وببعض الخدمات العامة، إن أمكن.

س- التركيز على أهمية الاعتراف والاعتذار العلنيين، سواء من قبل السلطات، أو من قبل المجرمين.

ش- يجب وضع إطار للعدالة المؤجلة يضمن توثيق الانتهاكات كي تتم ملاحقة المجرمين عند توفر الظروف.

ص- يجب دعم المصالحات المحلية بين الضحايا والمرتكبين بمساعدة الوجهاء الاجتماعيين، مع توثيق هذه المصالحات.

ض- يجب محاورة الدول الداعمة أو الحامية لبعض الفصائل أو بعض المجرمين، وممارسة الضغط عليها عبر الأمم المتحدة أو المنظمات الحقوقية، واستخدام سلاح المصالح المشتركة لدفعها إلى التعاون بخصوص ملاحقة المجرمين المدعومين من قبلها، وتسليم المجرمين الموجودين لديها.

ط- يجب الانضمام إلى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة مرتكبي الجرائم الكبرى المدعومين من دول أخرى أو اللاجئين إليها، في حال رفض تلك الدول الداعمة محاسبتهم.

ظ- يجب دراسة التجارب الدولية الناجحة والاستفادة منها ما أمكن.

يمكنكم قراءة التقرير كاملًا من خلال الضغط على علامة التحميل أدناه.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى