الضربات الإسرائيلية في سورية – آذار 2025:الأهداف، التوزع، والدلالات

بلغ إجمالي عدد الضربات الجوية الإسرائيلية المسجّلة في سورية، خلال شهر آذار/ مارس 2025، 80 ضربة استهدفت مواقع عسكرية مختلفة في خمس محافظات سورية، وتُظهر البيانات تصعيدًا لافتًا في كثافة الضربات خلال شهر آذار، إذ نُفّذت العديد من الضربات المركزة في يوم واحد، وخاصةً في حمص وريف دمشق، وتشير الضربات المركزة والمتكررة خلال اليوم نفسه إلى استراتيجية إسرائيلية، تهدف إلى تقويض القدرات العسكرية السورية ومنع إعادة تموضع القوات في مواقع استراتيجية.


تُظهر الأرقام أن محافظة حمص كانت الهدف الأبرز، حيث استحوذت على أكثر من ثلثي الضربات (68.5%)، خاصة على مطاري T4 (التياس) وتدمر، ما يشير إلى نية واضحة لتعطيل البنية الجوية والدعم اللوجستي في العمق السوري، وفي المرتبة الثانية جاءت محافظة ريف دمشق بنسبة (13.75%)، وهو رقم مرتفع، بالنظر إلى انتشار الألوية والفرق العسكرية هناك، مثل اللواء 68 واللواء 90. أما درعا فشكّلت (11.25%) من الضربات، في حين كانت الضربات في اللاذقية وطرطوس محدودة وموجهة غالبًا نحو منشآت دفاعية ومستودعات، وفيما يلي جدول تفصيلي بتلك الضربات:
المحافظة | المدينة/ البلدة | الهدف | عدد الضربات | تاريخ الضربة |
طرطوس | طرطوس | موقع دفاع جوي | 2 | 3.03.2025 |
اللاذقية | القرداحة | ملعب القرداحة (مستودعات عسكرية) | 1 | 3.03.2025 |
درعا | إزرع | اللواء المدرع 12 | 1 | 10.03.2025 |
ريف دمشق | خان الشيح | اللواء 68 | 2 | 10.03.2025 |
ريف دمشق | كَوم | اللواء 90 | 1 | 10.03.2025 |
ريف دمشق | الكسوة | قاعدة لواء عسكري | 1 | 10.03.2025 |
درعا | إزرع | منطقة رادار للجيش | 1 | 10.03.2025 |
ريف دمشق | زاكية | الفوج 137 مدفعية | 1 | 10.03.2025 |
درعا | إزرع | اللواء المدرع 12 | 1 | 10.03.2025 |
ريف دمشق | كَوم | اللواء 90 | 1 | 10.03.2025 |
درعا | جباب | اللواء 89 | 3 | 10.03.2025 |
ريف دمشق | الكسوة | قاعدة لواء عسكري | 1 | 10.03.2025 |
ريف دمشق | مطار دمشق الدولي | منطقة رادار للجيش | 1 | 10.03.2025 |
ريف دمشق | خان الشيح | اللواء 68 | 1 | 10.03.2025 |
ريف دمشق | الهيجانة | قاعدة دفاع جوي | 1 | 10.03.2025 |
ريف دمشق | دمر البلد | مقر الجهاد الإسلامي | 1 | 13.03.2025 |
درعا | إزرع | اللواء المدرع 12 | 1 | 17.03.2025 |
درعا | مدينة درعا | اللواء 132 | 2 | 17.03.2025 |
حمص | خربة التياس | مطار T4 / التياس | 16 | 21.03.2025 |
حمص | تدمر | مطار تدمر | 13 | 21.03.2025 |
حمص | خربة التياس | مطار T4 / التياس | 11 | 24.03.2025 |
حمص | تدمر | مطار تدمر | 15 | 24.03.2025 |
اللاذقية | مدينة اللاذقية | اللواء 110 | 2 | 26.03.2025 |


شكّلت المطارات والقواعد الجوية الهدفَ الأساسي للضربات الإسرائيلية خلال آذار/ مارس 2025، إذ بلغت 55 ضربة بنسبة (73%) من إجمالي الضربات، وهو ما يعكس رغبة واضحة في شلّ البنية التحتية الجوية، ومنع أي محاولة لإعادة بناء سلاح الجو السوري، وكان من أبرز المواقع المستهدفة مطار T4 (التياس) ومطار تدمر العسكري، حيث استُهدف كل منهما مرتين متتاليتين خلال أقل من أربعة أيام، ما يشير إلى اعتماد سياسة الضربة المزدوجة لضمان التدمير الكامل.
خريطة (1): مواقع الاستهدافات الإسرائيلية على مطار تدمر خلال شهر آذار/ مارس 2025


للاطلاع على الخريطة بدقة عالية من الرابط
خريطة (2): مواقع الاستهدافات الإسرائيلية على مطار T4 (التياس) خلال آذار/ مارس 2025


للاطلاع على الخريطة بدقة عالية من الرابط
في المرتبة الثانية، جاءت مقار الألوية والأفواج العسكرية، بعدد 18 ضربة تمثل )24%(من الإجمالي، وتوزعت على مناطق ريف دمشق ودرعا، مستهدفة تشكيلات رئيسية مثل اللواء 68، بالقرب من بلدة خان الشيح، اللواء 90 في كوم، اللواء 132 في مدينة درعا، واللواء المدرع 12 في إزرع، مما يدلّ على أن إسرائيل تسعى لتعطيل الدفاعات الجوية، ولإعاقة إعادة بناء التشكيلات البرية المؤثرة.
أما مواقع الدفاع الجوي ومنظومات الرادار، فقد نالت 5 ضربات (6.6%)، وشملت مواقع في طرطوس ومحيط مطار دمشق وزاكية والهيجانة، في حين لم تسجل سوى ضربة واحدة على مستودعات عسكرية في القرداحة (1.3%)، وهو ما يعكس تغيّرًا في بنك الأهداف، وتحوّل التركيز إلى البنية السيادية للجيش السوري، كذلك، وقعت ضربة وحيدة على مقرٍّ لحركة الجهاد الإسلامي في دمّر البلد بريف دمشق، صُنّفت كمحاولة اغتيال مستهدفة، وقد تكون رسالة إسرائيلية استباقية موجهة إلى تنظيمات فلسطينية ما زالت مرتبطة بإيران. ويُظهر هذا التصنيف أن معظم الضربات ركّزت على تعطيل القدرات الجوية (73%)، وبينما بقيت الوحدات البرية والدفاع الجوي أهدافًا مكملة، تراجعت الضربات على المستودعات والاغتيالات.
- أحداث كويا في ريف درعا والخسائر البشرية في الجنوب السوري
شهدت بلدة كويا في ريف درعا الغربي واحدة من أكثر الحوادث دموية وتصعيدًا خلال آذار/ مارس 2025، بعدما حاولت قوات إسرائيلية خاصة التوغل برًا في البلدة الحدودية، ما دفع الأهالي لمواجهتها بأسلحة فردية، في رد فعل شعبي مفاجئ، وقد تطورت المواجهات إلى قصف جوي ومدفعي إسرائيلي أجبر مئات العائلات على النزوح المؤقت، وانتهت العملية بانسحاب القوات الإسرائيلية، ورافق ذلك موجة غضب عارمة، محليًا وإقليميًا، خصوصًا بعد نفي السكان للرواية الإسرائيلية بشأن وجود خلايا (داعش) في البلدة. أما على مستوى الخسائر البشرية، فقد كانت كويا الأكثر تضررًا، حيث استشهد ما لا يقل عن 6 مدنيين، وأُصيب العشرات بجروح متفاوتة، بينهم نساء وأطفال. وسُجلت أيضًا 3 وفيات و22 إصابة أخرى، في مدينتي درعا وإزرع، في 17 آذار/ مارس، لتكون محافظة درعا هي الأعلى من حيث عدد الضحايا، مقارنة بباقي المحافظات، وفي المقابل، لم تُسجّل وفيات في ضربات حمص واللاذقية بسبب طبيعة الأهداف المعزولة، في حين قُتل شخص واحد فقط في ضربة على مقر لحركة الجهاد الإسلامي بريف دمشق.
يتبيّن من التوزّع الجغرافي للضربات الإسرائيلية، خلال آذار/ مارس 2025، أن محافظة حمص شكّلت محورًا أساسيًا في الاستهداف، لا سيما مع التركيز المكثّف على مطاري T4 وتدمر، ما يعكس نية واضحة لتعطيل هذين الموقعين الحيويين وشلّ أي قدرة تشغيلية أو لوجستية فيهما. وفي ريف دمشق، تنوّعت الضربات بشكل لافت، إذ شملت مقار ألوية عسكرية رئيسية إلى جانب مواقع رادار ودفاع جوي، ما يدل على محاولة ممنهجة لاستنزاف القدرات العسكرية في العاصمة ومحيطها، خصوصًا من حيث منظومات الإنذار المبكر والبنية التنظيمية للجيش الجديد. أما في درعا، فقد حافظت الضربات على نمطها التقليدي، مع تركيز على الألوية البرية ومواقع الرادارات، في مؤشر على استمرار الشكوك الإسرائيلية تجاه استقرار الجنوب السوري. وعلى الرغم من محدودية الاستهداف في الساحل، فإن الضربات على القرداحة وطرطوس بدت ذات طابع رمزي واستباقي، وتحمل رسائل ردع لضمان بقاء الهيمنة الجوية الإسرائيلية على الشريط الساحلي، ومنع نشوء أي نشاط عسكري غير محسوب في تلك المنطقة الحساسة.