المقالات

ندوة حوارية في حمص تناقش مبدأ سيادة القانون في سورية الجديدة

Reading Time: 2 minutes

نظّم مركز حرمون للدراسات المعاصرة، بالتعاون مع نقابة المحامين في حمص ورابطة الحقوقيين السوريين الأحرار، يوم الاثنين 12 أيار/ مايو 2025، ندوةً حواريةً بعنوان “مبدأ سيادة القانون في سورية الجديدة.. الضرورات والتحديات ودور نقابة المحامين ومنظمات المجتمع المدني”، في المركز الثقافي بمدينة حمص.

شارك في الندوة المحامي عمّار عزّ الدين، عضو مجلس فرع نقابة المحامين حمص؛ والباحث عمر إدلبي، مدير مكتب الدوحة في مركز حرمون للدراسات المعاصرة؛ والمحامي أسَيد موسى، عضو رابطة الحقوقيين السوريين الأحرار؛ وأدارت الحوار الناشطة أميرة الخضر.

تناول المشاركون في الندوة مفهوم سيادة القانون، وأساسياته، وضرورته كركيزة لبناء دولة مدنية حديثة قائمة على العدالة والمساواة. وركزوا على التحديات الكبيرة التي تواجه هذا المبدأ في السياق السوري، ودور الجهات المختلفة، ولا سيما نقابة المحامين ومنظمات المجتمع المدني، في تعزيزه وحمايته.

في بداية الندوة، استهلّ المحامي عمار عز الدين مداخلته بمقولات فلسفية وحقوقية، منها عبارة المناضل نيلسون مانديلا: “القانون ليس أداة قمع، بل جسر نحو الحرية”، مشيرًا إلى أن القانون ليس مجرد كلمات مكتوبة، بل هو روح العدالة التي تسري في مجتمعنا، وهو ضمير الكرامة الإنسانية، والسِّفْر المنيع الذي يقف بوجه الاستبداد والظلم والتعسف.

وأكّد عز الدين أن النظام السابق استخدم القانون كوسيلة للقمع والانتهاكات، لكن سورية الجديدة تحتاج إلى إعادة تعريف العلاقة بين القانون والمجتمع، ليصبح القانون خادمًا للعدالة وليس أداته. وأشار إلى أن من واجب النقابة العمل على ضمان حق الدفاع لكل مواطن وتمكينه من الوصول إلى العدالة، وممارسة الرقابة على تطبيق التشريعات والمشاركة في تعديل القوانين بما يتوافق مع المعايير الدولية، وتعزيز استقلال القضاء باعتباره الركيزة الأساسية لتطبيق سيادة القانون، ودعم العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية من خلال توثيق الانتهاكات وحفظ حقوق الضحايا.

وذكر أن النقابة بدأت أخيرًا بتنفيذ برامج تدريبية وتأهيلية للمحامين، لمساعدتهم في التعامل مع القضايا المعقدة في مرحلة ما بعد النزاع، ودعا إلى إعادة النظر في بعض التشريعات التي كانت تستخدم سابقًا كأدوات قمعية.

من جانبه، قدّم الباحث عمر إدلبي مدخلًا فقهيًا وقانونيًا لمبدأ سيادة القانون، مشيرًا إلى أنه لا يمكن بناء دولة مستقرة دون اعتماد هذا المبدأ كأساس للحكم والمؤسسات، وأكد أن “سيادة القانون تعني أن يكون القانون أعلى سلطة في الدولة، وأن لا أحد فوقه، سواء كان مواطنًا عاديًا أو موظفًا عامًا أو حتى حاكمًا”.

أشار إدلبي إلى أن هذا المبدأ يرتبط بمفاهيم عدة، مثل المساواة أمام القانون واستقلال القضاء وفصل السلطات والشفافية ومحاسبة المسؤولين. وأكد أن لمبدأ سيادة القانون جذورًا في الشريعة الإسلامية، مشددًا على أن العدل والمساواة هما من الثوابت التي نصّ عليها القرآن الكريم والسنة النبوية.

في ما يتعلق بالتحديات، حدّد إدلبي أربعة أنواع رئيسية: التحديات الأمنية مثل وجود مجموعات مسلحة خارج إطار الدولة وعدم استقرار الوضع الأمني؛ التحديات الاقتصادية مثل انعدام الموارد المالية اللازمة لبناء المؤسسات القضائية والتشريعية؛ التحديات القانونية مثل وجود تشريعات قديمة تتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان؛ التحديات الثقافية والاجتماعية مثل غياب ثقافة القانون لدى المواطنين وضعف الثقة بالقضاء.

واقترح خارطة طريق نحو تعزيز سيادة القانون في سورية، تتضمن إجراء إصلاحات تشريعية شاملة، وبناء مؤسسات قضائية مستقلة ومؤهلة، وإطلاق برامج توعية قانونية للمجتمع، ودعم آليات محاسبة مرتكبي الانتهاكات، وتعزيز الرقابة المجتمعية على عمل المؤسسات الحكومية.

أما المحامي أسيد موسى، فقد ركّز على دور منظمات المجتمع المدني في دعم مبدأ سيادة القانون، قائلًا إن هذه المنظمات تمثل “العين الرقابية” على أداء المؤسسات الحكومية والقضائية. وأوضح أن منظمات المجتمع المدني تسهم في توثيق الانتهاكات وحفظ الوثائق والأدلة المتعلقة بالجرائم المرتكبة خلال النزاع، وفي المطالبة بتطبيق العدالة الانتقالية من خلال دعم الضحايا وتمكينهم من الوصول إلى العدالة، وفي تعزيز المصالحة الوطنية عبر العمل على تجاوز الإرث المظلم للماضي، وفي نشر الوعي القانوني بين المواطنين وإعادة بناء ثقتهم بالمؤسسات العامة.

وشدّد على أن “العدالة الانتقالية ليست مجرد عملية قضاء، بل هي مشروع بناء مجتمعي يهدف إلى استعادة الثقة وطيّ صفحة الماضي”، ودعا إلى ضرورة دمج هذه الآلية في خارطة الطريق الوطنية. ودعا إلى تفعيل دور المحامين والنشطاء الحقوقيين في عمليات الحوار المجتمعي، وقال: إن “كل محامٍ يجب أن يكون مثالًا يُحتذى به في التمسك بالقانون واحترام حقوق الإنسان”.

في ختام الندوة، أجمع المشاركون على أن بناء دولة القانون والمؤسسات يتطلب إرادة سياسية حقيقية ومشاركة فاعلة من جميع الجهات ذات العلاقة، ومنها نقابة المحامين ومنظمات المجتمع المدني.

ودعا المتحدثون إلى بدء الإصلاحات القضائية والتشريعية فورًا، وإطلاق برامج تدريبية وتأهيلية للمحامين والقضاة، وتعزيز الرقابة المجتمعية على أداء المؤسسات، مؤكدين أن سورية الجديدة لن تقوم إلا على قاعدة العدالة وسيادة القانون. وطالبوا بضرورة دمج العدالة الانتقالية في خارطة الطريق الوطنية، واعتبروا أنها مشروع بناء مجتمعي ضروري لإعادة الثقة بين المواطنين والدولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى