المقالات

تقرير رصد مركز حرمون لشهر نيسان/ أبريل 2025

Reading Time: 1 minute

الرصد الإداري والحوكمي:

عاد التركيز الإداري، خلال شهر نيسان/ أبريل، إلى العاصمة السورية دمشق، حيث شهدت المحافظة مجموعة كبيرة من القرارات الإدارية الحوكمية، على المستويات كافة، وتلت دمشق محافظةُ حلب، من ناحية عدد القرارات الإدارية ونوعها. واللافت خلال هذا الشهر بدء وضوح آثار القرارات التي اتخذتها بعض الوزارات وظهور فعاليتها من حيث العمل. وكانت وزارات الشؤون الاجتماعية، والاتصالات، والإعلام، من أكثر الوزارات عملًا وفعالية، ولعلّ ذلك يعود لكثرة فعاليتها، وقد يكون ذلك لطبيعة عمل الوزارتين بشكل عام.

تكمن أهمية شهر نيسان/ أبريل بأنه شهد على صعيد وزارة الإعلام أول بث مباشر للفضائية السورية، بجانب فعالية كبيرة لوزير الإعلام حمزة المصطفى، خلال التفاعل مع أحداث جرامانا، مما يعكس الدور الكبير لطبيعة الوزير في التفاعل مع السياق الوطني السوري، ومن جانب آخر، تفاعلت وزيرة الشؤون الاجتماعية هند قبوات مع واقع الموظفين، وأعادتهم إلى عملهم.

وعملت وزارة التربية والتعليم على إصدار عدة قرارات، كان من بينها قرارات ذات بعد اجتماعي يتعلق بالحفاظ على النسيج الوطني، وذلك من خلال منع الخطاب الطائفي داخل الجامعات، بعد الأحداث التي شهدتها الجامعات السورية في موضوع الطلاب من محافظة السويداء، في حين أصدر الدكتور عبد السلام هيكل، وزير الاتصالات وتقانة المعلومات، تعميمًا يقضي بضرورة حماية البيانات الشخصية للسوريين ومَن في حكمهم، خاصة العاملين في الدولة، وذلك منعًا لاستغلالها بطرق غير مشروعة إلا عن طريق وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات، عبر منصاتها الإلكترونية المعتمدة.

وأصدر وزير الرياضة والشباب، محمد سامح أحمد الحامض، قرارًا باستبعاد اللاعبتَين: سيدرا سليمان، ونورا بشارة، والمدرّبَ أيمن سليمان، من بعثة المنتخب الوطني الأول للسيدات لكرة السلة، ومنعهم من ممارسة أي نشاط رياضي في المؤسسات الرسمية حتى إشعار آخر. وذلك بعد قيام المذكورين بمشاركة صورهم على مواقع التواصل، وهم يرتدون قميص المنتخب وقد قاموا بطمس علم سورية. واستهل وزير النقل عمله، خلال هذا الشهر، بإجراء زيارات لتفقد البنية التحتية من جديد، وصيانة ما يمكن صيانته، ومن ذلك عمليات صيانة جسر الرستن في محافظة حمص.

واتخذت الرئاسة السورية قرارًا بتمديد عمل اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل، وقد يكون هذا التأجيل محاولة لكسب الوقت سياسيًا في ظل الانفتاح الدولي، أو لعدم وجود الوقت الكافي للتوصل إلى النتائج العملية حول الانتهاكات. ومن الناحية الرمزية، اتخذت المحافظات قرارات نوعية جديدة، إذ صدرت تعميمات بإزالة رموز نظام الأسد من المحافظات والمدن السورية. وتشهد المحافظات عملًا كبيرًا يقوم به المحافظون، لا سيما في محافظة حلب ودمشق، وكذلك السويداء التي شهدت تفاعلًا كبيرًا من قبل المحافظ، في سياق التعامل مع التحديات الأمنية والإدارية. أمّا في درعا، فقد خصص المحافظ أنور طه الزعبي موعدًا أسبوعيًا لاستقبال المواطنين والاطلاع على مطالبهم ومشكلاتهم التي يواجهونها، بهدف العمل على إيجاد الحلول وتعزيز الشفافية، واستكملت بعض الوزارات عملية التعيينات الحوكمية، وكان من بينها تعيين ناطق رسمي باسم وزارة الداخلية “نور البابا”، للتفاعل مع الواقع الأمني في سورية.

واستمرت سياسات إعادة النظر بالتجمعات والنقابات، حيث قام نادي الكرامة الرياضي الشهير في سورية بإنهاء تكليف جميع العاملين في الوظائف الإدارية والخدمية والمالية، وذلك بهدف إعادة حوكمة وتنظيم النادي، أمّا نقابة الفنانين، فعمدت إلى فصل الفنانة “سلاف فواخرجي” من النقابة، على إثر تصريحاتها المعادية للثورة السورية، وعطّل نقيب الفنانين انقلابًا داخليًا ضدّه، بسبب عدم استناده إلى مواد النظام الداخلي للعام 2019، مما سبب خلافات ظهرت إلى حيز الإعلام.

تشير هذه المعطيات إلى تطور مستوى القرارات الحوكمية على مستوى المركز، وارتفاع زخم القرارات، وتوسع آليات صنع القرار لتكون مركّزة أكثر ومنظمة بشكل أفضل، من دون تغيير يُذكر على مستوى السياسات العامة التي تركز على التعافي والإصلاح ضمن الإمكانات المتوفرة، فما زالت سمة التعيينات الأساسية هي الدمج بين الولاء والكفاءة، مع تفضيل الولاء في مناسبات عديدة، في حين ارتفع مستوى الشفافية والتفاعل مع الحاضنة الاجتماعية، مع توضح مسؤولية العاملين في مؤسسات الدولة وطبيعة عملهم، أما على مستوى النقابات، فقد بدأت تظهر بعض الخلافات متأثرة بالواقع الماضي والجديد في العمل النقابي السوري.

الرصد الأمني والعسكري

شهدت محافظة حمص، خلال نيسان/ أبريل 2025، سلسلة من التطورات الأمنية والعسكرية المتعددة، عكست حجم التحديات التي تواجهها الأجهزة الأمنية في المحافظة، وتوزعت بين اعتقالات، واشتباكات، وعمليات خطف، وغارات جوية، واكتشاف مستودعات أسلحة، إلى جانب صدور قرارات تعيينات جديدة في المناصب العسكرية.

بدأ الشهر بعملية أمنية في 3 نيسان/ أبريل، أسفرت عن اعتقال كامل محمد شريف العباس، أحد منفذي مجزرة التضامن، تلتها اعتقالات أخرى في 5 نيسان/ أبريل، شملت الضابط المعروف بلقب “ماريو” والمسلح محمود شدود.

شهد 13 نيسان/ أبريل توقيف شخص ألقى قنابل يدوية في حي النزهة، فيما وقعت في 24 نيسان/ أبريل اشتباكات بين الأمن الداخلي وبقايا قوات النظام في قرية ريان، بالتزامن مع إصابة ثلاثة مدنيين بقذيفة صاروخية مصدرها الأراضي اللبنانية سقطت على قرية المصرية. وفي 25 نيسان/ أبريل، اندلعت اشتباكات في حي وادي الذهب، مع ضابط طيار سابق يُدعى شلهوب، أسفرت عن مقتله وإصابة أربعة عناصر من الأمن. وفي 16 نيسان/ أبريل، أصدرت وزارة الدفاع قرارًا بتعيين عرابة إدريس، من أبناء حي بابا عمرو، قائدًا للواء السادس في الفرقة 52، ضمن سياق إعادة هيكلة بعض المناصب العسكرية في المحافظة.

شهدت محافظة دمشق وريفها خلال نيسان/ أبريل 2025 تصاعدًا حادًا في الوضع الأمني، تخلله تنوع في الأحداث ما بين اشتباكات، واعتقالات، وعمليات خطف، وهجمات مسلحة، وتظاهرات شعبية، عكست هشاشة السيطرة الأمنية في بعض المناطق، لا سيما في محيط العاصمة. وبرزت الأجهزة الأمنية في محاولات دؤوبة لاستعادة زمام المبادرة عبر عمليات مداهمة، ونشر الحواجز، والتدخل لاحتواء الأزمات المتفجرة.

افتتحت الشهر بحملة اعتقالات ضد عناصر من النظام السابق، بينهم “صالح الصطيف” و”تيسير محفوض” في 22 و23 نيسان/ أبريل، إلى جانب توقيف “محمود مارديني” في ريف دمشق، وضبط وثائق تدينه بجرائم لصالح المخابرات الجوية. تزامن ذلك مع عمليات دهم في برزة ومساكن برزة، أسفرت عن ضبط أسلحة وذخائر. وفي داريا، كانت هناك عملية أدت إلى القبض على “لؤي ويحيى علوش” في 29 نيسان/ أبريل.

الاشتباكات كانت الأشدّ في جرمانا وصحنايا، يومي 29 و30 نيسان/ أبريل، بعد انتشار تسجيل صوتي مسيء للنبي محمد (ص)، فجّر تحريضًا طائفيًا واسعًا، خلّف قتلى وجرحى في صفوف الأمن، ودفع إلى تدخل عسكري وفرض حظر تجول. ووقعت مواجهات في برزة (5 نيسان/ أبريل) وفي القدم (18 نيسان/ أبريل).

على صعيد الهجمات، شهدت الطرق الحيوية اضطرابات، منها قطع طريق مطار دمشق في 25 نيسان/ أبريل، إلى جانب حالات خطف في المزة وريف دمشق، في 12 و17 نيسان/ أبريل، انتهت بتحرير المختطفين. وفي 2 نيسان، نفّذت إسرائيل غارة على مبنى البحوث العلمية في برزة.

سجلت المحافظة أيضًا موجة احتجاجات مدنية، بينها وقفة طلابية في 6 نيسان ضد قرارات تعليمية، وتظاهرة مؤيدة لغزة في 7 نيسان، وأخرى في 28 نيسان للمطالبة بالإفراج عن عصام بويضاني. وأُفرج عن عدد من ضباط النظام السابق، بينهم “علي ربيعة”، وأثار ذلك سخطًا شعبيًا.

تم توثيق عدة جرائم عنف، من بينها مقتل أربعة شبان في عش الورور، وحادث إطلاق نار أودى بحياة شابين على طريق السويداء–دمشق، فضلًا عن حرائق مدمرة في البرامكة والحريقة ودوما، وانفجار في المتحلق الجنوبي.

أمنيًا، تم تعزيز الانتشار في صحنايا والقطيفة، مع نصب حواجز إضافية عقب أحداث جرمانا، وفي 17 و18 نيسان، أُعلن انضمام قادة سابقين من المعارضة، بينهم ضرار هيشان، إلى التشكيل الجديد للجيش السوري، وفتحت وزارة الداخلية باب الانتساب إلى إدارة التدريب العسكري في 19 نيسان.

شهدت محافظة إدلب خلال شهر نيسان نشاطًا أمنيًا متصاعدًا، تمحور حول ملاحقة فلول النظام السابق، وتعزيز الاستقرار في القرى الجنوبية، لا سيما في جبل الزاوية. ففي مطلع الشهر، نفذ جهاز الأمن العام عمليات دهم أسفرت عن اعتقال عدد من الشبيحة، تبعتها اشتباكات في 2 نيسان بين القوات الأمنية وبعض الأهالي الموالين للنظام السابق، الذين أبدوا مقاومة مسلّحة.

وفي 3 نيسان، أعيد الانتشار الأمني في قرى جبل الزاوية، مع فرض طوق أمني على مناطق مشبوهة بوجود عناصر متعاونة مع النظام. وشنت القوى الأمنية في 4 نيسان هجمات استهدفت منازل يُعتقد أنها تأوي فارّين من العدالة. وعزز الجيش السوري في 10 نيسان إجراءاته بنصب حواجز جديدة في محيط مدينة إدلب، للحد من تسلل العناصر الخطرة بعد ورود تقارير استخباراتية.

سُجل منتصف الشهر تحسّن ملحوظ في العلاقة بين السكان المحليين والقوات الأمنية، نتيجة تبني الحكومة الجديدة سياسات أكثر مرونة واحترامًا تجاه المدنيين. وفي 25 نيسان، أعلنت وزارة الدفاع عن فتح باب الانتساب إلى جهاز الأمن العام للفئات العمرية من 20 إلى 40 عامًا، ضمن خطة تهدف إلى توسيع الجهاز وتحديث كوادره. وخُتم الشهر بافتتاح مخفر جديد في قرية جوزف، يوم 29 نيسان، لتعزيز الوجود الأمني وترسيخ الاستقرار في المنطقة.

شهد ريف حلب خلال نيسان/ أبريل 2025 تنوعًا في الأحداث الأمنية والعسكرية، تركزت بين عمليات مداهمة واعتقال، واغتيالات، ومواجهات مسلحة، وملفات جنائية، إلى جانب تغييرات ملحوظة في القيادات العسكرية. افتتح الشهر بحملة نفذها الأمن العام في قرية الفيرزية بريف إعزاز، ضد عناصر في الجيش الوطني متهمين بجرائم سابقة، تبعها في 2 نيسان تفجير (قسد) لغمًا، قرب منبج، أدى إلى مجزرة بحق أبناء عشيرة البوبنّا، أعقبه قصف وعمليات خطف.

في 3 نيسان، أعادت قوات الأمن الداخلي انتشارها في مخيم النيرب، عقب اشتباك مع عصابة إجرامية، تلاه القبض على مجموعة مسلحة مسؤولة عن اضطرابات في المخيم. وفي 4 نيسان، سُلّم 97 أسيرًا من قسد للأمن الداخلي في عملية تبادل. كما شهدت تلعرن والسفيرة عمليات أمنية ضد تجارة المخدرات، شملت ضبط عشرات الآلاف من حبوب الكبتاغون، بينما استعادت شرطة الميدان في حلب مبلغ 45 ألف دولار بعد سرقة شركة صرافة.

في مدينة الباب، فُككت عصابة مسؤولة عن قتل علي قدور بعد اختطافه، وأزيلت الحواجز الإسمنتية أمام فرع الأمن السياسي في حي السليمانية، فيما ضبطت عصابة لسرقة الدراجات النارية في جرابلس. في حين اندلع اشتباك دامٍ في حي الشيخ سعيد مع عائلة ميدو، أسفر عن مقتل ستة من أفرادها. وأدى حريق ضخم في محطة وقود بالباب يوم 22 نيسان إلى أضرار جسيمة، مما استدعى صدور قرارات بإبعاد المحطات عن المناطق السكنية. في 23 نيسان، ضُبطت أكثر من 6000 حبة كبتاغون، وقُتل ثلاثة عناصر من فرقة المعتصم في عفرين، ليتبين لاحقًا أن الحادثة تعود لدافع شخصي.

وشهدت المحافظة تعيينات جديدة، أبرزها في الفرقة 80 بتاريخ 18 نيسان، حيث تم تعيين المعتصم عباس وسليم التامر ومحمد ناصر طفش في مناصب قيادية، تلاها في 24 نيسان تعيين هاشم أبو عزام نائبًا لمسؤول الأمن العسكري بحلب، مع صلاحيات موسّعة في الريفين الشمالي والشرقي. وأُسندت مهمة العلاقات العامة في الأمن العام للصحفي إسماعيل الرج، في 10 نيسان.

شهدت مدينة حلب خلال نيسان/ أبريل 2025 نشاطًا أمنيًا مكثفًا شمل ملفات تبادل الأسرى، وعملية اندماج أمني بين القوى المحلية، وعمليات ملاحقة لفلول النظام، وارتفاعًا في معدلات الجريمة والاغتيال. في 3 و4 نيسان، خرجت دفعة من عناصر (قسد) من المدينة، وكانت هناك عملية تنفيذ تبادل أسرى مع الحكومة السورية، بالتزامن مع ضبط أسلحة في مخيم النيرب إثر أحداث شغب. وفي 13 نيسان، تم توحيد الجهود بين الأمن العام وقوات الأسايش في حيّي الأشرفية والشيخ مقصود، ما نتج عنه إزالة سواتر ترابية وتثبيت حواجز مشتركة.

وتصاعدت الاغتيالات بشكل لافت، وكان أبرزها مقتل مختار حي صلاح الدين، في 11 نيسان، واغتيال الدكتور حسام الضرير في 22 نيسان، والشيخ محمد الحاج بركات في السفيرة، إضافة إلى وائل شمه في حي الزبدية بتاريخ 29 نيسان. واندلعت اشتباكات دامية في حي الشيخ سعيد يوم 23 نيسان، خلّفت ستة قتلى، وقُتل جنديان في عفرين نتيجة خلاف شخصي بتاريخ 28 نيسان.

وفي الجانب الجنائي، أُحبطت عمليات سرقة متعددة، شملت توقيف عصابات في السفيرة، يومي 7 و8 نيسان، وفي الكلاسة والميدان، وضُبطت مبالغ مالية كبيرة وممتلكات مسروقة. وتم توقيف مجموعة سرقت وقتلت علي قدور وبلال الرسلان، وتم القبض على صالح الصطيف، المتهم بخمس جرائم قتل في 22 نيسان.

سجلت المنطقة الجامعية تصعيدًا طائفيًا، يوم 28 نيسان، إثر هتافات معادية دفعت الطلاب الدروز للمغادرة، تبعها حادث طعن في اليوم التالي. وفي إطار حوادث الألغام، أُصيب خمسة مدنيين، بينهم طفلان، في تل حديا وأم الجلود، وأدى حريق بمحطة وقود في الباب بتاريخ 23 نيسان إلى عشرات الإصابات.

نفّذ الأمن العام عمليات نوعية شملت اعتقال تاجر مخدرات في تل عرن يوم 5 نيسان، وتوقيف أطفال سرقوا مبلغًا كبيرًا، ونظّم دورات تدريبية لتعزيز كفاءة عناصره في 20 نيسان. وفي 30 نيسان، تم توقيف عبد العزيز العلي وإخوته في خناصر، ضمن عمليات تعقّب فلول النظام السابق.

شهدت محافظة درعا خلال نيسان 2025 تصاعدًا لافتًا في العمليات الأمنية والعسكرية، تمثل أبرزها في حل فصيل اللواء الثامن، بعد مقتل القيادي بلال المصاطفة “الدروبي” يوم 3 نيسان في عملية مداهمة، وما تبعه من نشر أرتال أمنية في بصرى الحرير، وفرض حظر تجوال. وفي 5 نيسان تمّ التوصل إلى اتفاق على تسليم المقرات والأسلحة الثقيلة وتسليم المتورطين، أعقبه في 6 نيسان حملة اعتقالات واسعة في المسيفرة والجيزة وصيدا ترافقت مع مصادرة أسلحة وآليات وسط ترحيب شعبي.

في 1 نيسان، تعرضت الصنمين لهجوم مسلح بالقذائف والرشاشات، أصيب فيه عنصر من الأمن العام، ووقعت اشتباكات في قرفا خلال محاولة توقيف عنصر سابق من اللجان الشعبية. في اليوم التالي، شنت إسرائيل غارات على تل الجموع وحرش تسيل، خلفت قتلى وجرحى، وألقت منشورات تحذيرية فوق بلدة كويا، وتدخل الأمن لفض اشتباك مسلّح في جاسم.

بتاريخ 4 نيسان، تم القبض على محمد الغزالي أثناء محاولته الفرار إلى لبنان، واعتُقل عناصر سابقون في المخابرات الجوية. في 6 نيسان، توفي محمد الرفاعي أثناء توقيفه، نتيجة احتشاء قلبي، وفُتِح تحقيق في القضية. وشهد 7 نيسان ضبط عملة مزورة في داعل، وفي 8 نيسان استُعيدت مسروقات تعود لمديرية النقل.

في 10 نيسان، أُطلقت حملة لمنع الاتجار بالخردة في الصنمين، وضُبط مستودع صواريخ بين درعا وعتمان، إلى جانب مصالحة عشائرية في جلين وتشكيل لجنة تقصي حقائق. وفي 11 نيسان، نُفذت مداهمة جديدة لمستودع صواريخ. بتاريخ 14 نيسان، نجا محمد السخني من محاولة اغتيال على طريق خربة غزالة، وافتُتحت ناحية المسمية شمال المحافظة.

شهدت منتصف الشهر خطوات خدمية، أبرزها إعادة قسم طبي إلى وزارة الصحة، وافتتاح ناحية بصرى الشام في 15 نيسان. وفي 16 نيسان، سُجّل اشتباك مسلح في الشيخ مسكين، أسفر عن مقتل أحد المسلحين، وشوهد رتل تابع للأمم المتحدة في محيط معرية. وفي 17 نيسان، أُطلقت حملة لنزع السلاح العشوائي في الفقيع والدلي، مع تسليم طوعي للأسلحة في معربة.

في 20 نيسان، صودرت كمية كبيرة من الحشيش والكبتاغون بعد اشتباك في صيدا، وأُوقف محمد بجبوج بتهم القتل والتشبيح. وداهم الأمن مواقع في داعل وابطع، يوم 21 نيسان، وتمت مصادرة أسلحة، مع إعادة انتشار القوات في الفقيع. وفي 22 نيسان، فجّر منزل مفخخ في الشيخ مسكين، واكتُشف مستودع ذخائر في بصرى الشام.

الاغتيالات استمرت، وبلغت ذروتها في 25 نيسان بمقتل عمر الجهماني، المتّهم بقضايا مخدرات، لترتفع الحصيلة إلى تسع حالات خلال الشهر، بينهم ستة عناصر سابقين في الجيش الحر. وفي 27 نيسان، صودرت عبوات ناسفة في الصنمين، واعتُقل اثنان من أبرز المطلوبين.

اختُتم الشهر بحملة أمنية واسعة في منطقة اللجاة، في 28 نيسان، وبتحرك لدورية أممية في قرية عين ذكر، وأصدر أهالي درعا البلد بيانًا طالب بمحاسبة المسيء للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، واستعادت إدارة الأمن كميات من الأدوية المسروقة في الصنمين.

شهدت محافظة السويداء خلال نيسان 2025 تطورات أمنية محدودة، من حيث العدد، لكنها عكست تصاعدًا في التوتر بين السكان المحليين والأجهزة الأمنية، وبرزت من خلالها أبعاد طائفية ومجتمعية حساسة. في 5 نيسان، اعتُقل الشابان أدهم عبود وعدي أبو زيدان، في أثناء عودتهما من دمشق بعد العثور على ذخيرة منسية في سيارتهما، وأُفرج عنهما لاحقًا. وفي 24 نيسان تم توقيف قيصر البدعيش ورائد جمول، إثر مشادة كلامية ذات طابع طائفي مع عناصر أمن، وانتهت القضية بتدخل رجال الكرامة. وفي 27 نيسان، اعتُقل 21 من أهالي السويداء في ريف حمص أثناء توجههم إلى فعالية مدنية في الرقة، وأفرج عنهم بكفالة.

وبلغ التوتر ذروته يوم 26 نيسان، عندما تعرض الأخوان محمد وعبد الرحمن الفوال لهجوم مسلّح على طريق دمشق – السويداء قرب المطلة، ضمن سلسلة استهدافات عشوائية لسكان السويداء في ريف دمشق الجنوبي. أما على صعيد الخطف، فقد خُطف حاتم أبو سعد أثناء توجهه إلى لبنان، في 24 نيسان، وعُثر عليه مقتولًا، وسط اتهامات لأحد الحواجز بالمسؤولية. واختُطف مدير النقل فيصل شهيب، ثم أُفرج عنه بعد مفاوضات مقابل إطلاق سراح أحد الخاطفين المحتجزين.

وفي 7 نيسان، استقبلت لجنة من وزارة الداخلية عددًا من عناصر الشرطة السابقين في قيادة شرطة السويداء، لإجراء مقابلات معهم بهدف إعادتهم للخدمة، ضمن مساعٍ لتوطين الأمن وتعزيز الثقة المحلية بعد إحالاتهم السابقة إلى الإجازات إثر سقوط النظام.

بشكل عام، اتسم الوضع الأمني في السويداء بالهشاشة، في ظل استمرار التصعيد المتقطع والاحتكاكات مع القوى الأمنية، وغياب توافق حقيقي حول دور الأجهزة الجديدة، ما يُبقي التهدئة في وضع مشروط وقابل للانفجار.

شهدت المحافظات السورية خلال شهر نيسان 2025 تصاعدًا واضحًا في التحديات الأمنية والعسكرية، مع تركز التوترات في محافظات دمشق، درعا، وحلب، تليها حمص وإدلب، وبدت السويداء ساحة لتوترات منخفضة الوتيرة، لكنها كانت عالية الحساسية. توزعت التطورات بين حملات اعتقال جماعية، واشتباكات عنيفة، وعمليات خطف واغتيال، إلى جانب ارتفاع وتيرة الانفجارات والحرائق والهجمات الطائفية، وتركّزت أبرز الحوادث في:

  • دمشق وريفها: أكثر من 7 اشتباكات بارزة، عشرات حالات الاعتقال، 3 مظاهرات، وعدة عمليات خطف وقطع طرق، فضلًا عن غارة إسرائيلية على مركز البحوث في برزة.
  • درعا: سجلت 9 عمليات اغتيال، أبرزها بعد حل اللواء الثامن، إلى جانب مداهمات شملت 6 بلدات وقرى، واكتشاف مستودعين للصواريخ.
  • حلب وريفها: أكثر من 6 عمليات اغتيال، بينها شخصيات محلية بارزة، و4 اشتباكات عائلية أو فصائلية، مع ضبط أكثر من 10 آلاف حبة كبتاغون، وتسجيل انفجارات وحرائق كبيرة.
  • حمص: اشتباكات محدودة العدد، لكنها عالية الخطورة، بينها استهداف مباشر لبقايا النظام، وقصف مصدره من لبنان أدى لإصابة مدنيين، وقرارات بإعادة هيكلة عسكرية.
  • إدلب: تحسن تدريجي أمني وسط حملات مداهمة استباقية، ولا سيما في جبل الزاوية، مع فتح باب الانتساب للأمن العام.
  • السويداء: توترات منخفضة الحجم، لكنها كانت محملة بأبعاد طائفية، شملت اعتقال أكثر من 25 شخصًا، وعمليات خطف وقتل ذات طابع مناطقي، مع تحركات لاحتواء الموقف بإعادة عناصر الشرطة المفصولين.
  • بلغ عدد الحوادث الأمنية الموثقة (اعتقالات، اشتباكات، اغتيالات، خطف، حرائق، انفجارات) نحو 120 حادثًا في عموم المحافظات، بينها 18 اغتيالًا وقرابة 30 عملية دهم، في حين تزايدت حالات الفرز العسكري، مع صدور ما لا يقل عن 6 قرارات تعيين في مناصب أمنية حساسة، مما يعكس محاولة لاحتواء الفوضى وإعادة ضبط موازين القوة محليًا.

تدل المؤشرات على أن التحدي الأبرز أمام السلطات الانتقالية لا يكمن فقط في تفكيك بقايا النظام، بل في إدارة التفلت الأمني المتجذر في مراكز نفوذ محلية وارتدادات الصراع الطائفي والمناطقي، ما يجعل من ملف الأمن أحد أكثر الملفات تعقيدًا واستعصاءً في المرحلة الحالية.

الرصد السياسي والاجتماعي

كانت الأحداث الأمنية في شهر نيسان/ أبريل هي المسيطرة على المشهد في جنوب سورية وأطراف دمشق، وأدى ذلك إلى تراجع العمل المدني، ولا سيما في مدينة السويداء، وذلك بالتزامن مع نشاط التيارات السياسية والمرجعيات الدينية في حراكها ونشرهم للبيانات، وكان هذا النشاط مؤيدًا لوجود الحكومة ضمن محددات اتفاقها مع حركة رجال الكرامة، مثل البيان الذي أصدرته الحركة، وبيّن رفضها لسلوك الحكومة بالمجمل، وهذا السلوك شمل الإعلان الدستوري وإعادة الهيكلة العسكرية وكان أيضًا ضدّ تواجد الأمن العام في المحافظة، مثل البيان الذي أصدره حزب اللواء السوري، وبالتالي كانت الفعالية السياسية عالية في المحافظة في شهر نيسان، ولكن بسبب الأحداث التي حصلت، وليس بسبب نشاط سياسي تراكمي لتلك الجهات، أما على صعيد النشاط السياسي في باقي المحافظات، فما زال هناك حراك سياسي ونشاطات مفتوحة مثل النشاط الذي عقده مؤتمر الحوار النسوي السوري في حلب.

أما على الصعيد السياسي، فكان الحدث الأبرز خارجيًا هو الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية أسعد الشيباني في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، إذ تُحاول الخارجية السورية فتح مساحات جديدة تنتهي برفع العقوبات عن سورية، أما الحدث الثاني من حيث الأهمية فهو رفع بريطانيا العقوبات عن 13 كيانًا سوريًا، ورفع الحظر عن واردات النفط من سورية، وشملت العقوبات المرفوعة المخابرات الجوية لنظام الأسد البائد، وقناة سما، اللذين لم يعد لهم وجود سواء في الهيكلية الأمنية أو الإعلامية، مما يفتح الباب لعدم معرفة الغرض من هذا الرفع أهو ضمن مجموعة كيانات فقط، أم هو تلميح بريطاني لعدم تغيير الهيكلية الأمنية في سورية، مع الحفاظ على سلوك إصلاحها فقط.

ومن جانب الحريات؛ لم تُسجل حالات تدخل في الحريات بشكل عام، ولكن كان هناك تدخل في ملهيين ليليين في دمشق، ولم يصدر تصريح رسمي من وزارة الداخلية، في حين كانت الشهادات من دمشق تؤكد أن تلك الأماكن تشهد عمالة لقُصَّر في مهن مخلة للآداب، وتباع فيها المخدرات، في حين كان هناك تظاهرات مطالبة بإغلاق الملاهي الليلية في المناطق السكنية في معربا، بسبب الضجيج التي تحدثه وتأثيره على الأطفال.

تحوّل تركيز النشاط السياسي السوري من زيارات دبلوماسية إلى سورية، في الأشهر التي تلت سقوط نظام الأسد، إلى حراك دبلوماسي خارجي يحاول كسر العزلة المفروضة على سورية أيام نظام الأسد وفتح مساحات اقتصادية بهدف تسويق السياسية الخارجية السورية الجديد، وتزامن هذا التسويق مع استمرارية الحرية السياسية الجيدة نسبيًا، وعدم تسجيل حالات تدخل بالحريات على مستوى البلاد.

الرصد الاقتصادي والخدمي

شهد نيسان/ أبريل 2025 سلسلة من التطورات الاقتصادية والتجارية الإقليمية والدولية ذات الصلة بالشأن السوري، وذلك في سياق الحديث عن دخول البلاد مرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي، ويشير ذلك إلى تحولات تعكس إدراكًا متزايدًا لدى بعض الدول، بأن المرحلة التالية في سورية ستكون ذات طابع اقتصادي – إعماري، فضلًا عن الاستقرار الأمني، ففي 2 نيسان/ أبريل، فرضت الإدارة الأميركية رسومًا جمركية مرتفعة على صادرات عدد من الدول إلى الولايات المتحدة، وكان من بينها صادرات سورية بنسبة 41%، وهي النسبة الأعلى بين الدول العربية المشمولة بالقرار، لكن هذا لا يمكن تحليله من وجهة نظر سياسية للعلاقة بين الولايات المتحدة وسورية، فهو متعلق بالسياسات الاقتصادية للولايات المتحدة الخاصة بها.

وفي إطار التوجه التركي نحو إعادة تفعيل العلاقات الاقتصادية مع سورية، أجرى وزير التجارة التركي زيارة رسمية إلى دمشق، في 16 نيسان/ أبريل، ناقش خلالها مع الجانب السوري آليات تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين. وتضمنت المحادثات مقترحات لإنشاء مناطق حرة، وتفعيل التبادل الجمركي، وتطوير الشراكات في مجالات النقل والصناعة والمدن الصناعية، إلى جانب نية الطرفين التفاوض على اتفاقية اقتصادية شاملة. وأعلن الوزير التركي خطة لتنظيم زيارات متبادلة مستقبلية بهدف ترسيخ الشراكة الثنائية.

من جانب آخر، استأنفت الحكومة العراقية تقديم منحة سابقة من القمح، كانت تعهدت بها لسورية قبل سقوط النظام السابق، حيث وصلت أول دفعة، في 25 نيسان/ أبريل، وسلمت روسيا دفعة استثنائية من القمح إلى سورية بلغ حجمها 6600 طن، وصلت عبر ميناء اللاذقية، خارج إطار خطة التوريد التي كانت بين البلدين. وهذا يشير إلى استعداد الأطراف الحليفة للنظام السابق لإعادة الارتباط مع الحكومة الجديدة في دمشق.

وعلى الصعيد النقدي، أعلن المصرف العقاري السوري، في 8 نيسان/ أبريل، رفع سقف السحب الأسبوعي من الصرافات الآلية إلى 1.8 مليون ليرة سورية، وحدد سقف السحب من الفروع بـ 5 ملايين ليرة للأفراد، و10 ملايين ليرة للشركات، مع ربط ذلك بتوفر السيولة. في السياق نفسه، أصدر المصرف التجاري السوري تعميمًا، في 23 نيسان/ أبريل، يتيح سداد القروض أو إغلاقها بالليرة السورية بعد تصريف ما يعادلها بالدولار الأميركي، سواء نقدًا أو عبر الحسابات المصرفية، وقد مُنحت فروع المصرف صلاحيات استثنائية للتعامل مع مبالغ لا تتجاوز 1000 دولار. وعلى الرغم من هذه الإجراءات، واجهت الشبكة المصرفية أزمة سيولة حادة، أدت إلى تأخر صرف رواتب بعض الموظفين الحكوميين لمدة وصلت إلى أربعة أشهر، بسبب ارتفاع الطلب على السيولة المحلية، وذلك بالتوازي مع عودة أعداد كبيرة من السوريين إلى البلاد، وقد قُدّر الاحتياج النقدي الجديد بنحو 180 مليار ليرة سورية، مقارنة بما كان عليه قبل العودة، حيث كان يُقدّر بنحو100 مليار ليرة فقط. وتعكس هذه الإجراءات محاولة النظام المالي، في ظل الحكم الجديد، التكيف مع متطلبات المرحلة الانتقالية، ولا سيما بعد تزايد الضغوط النقدية الناتجة عن عودة المهجرين. وتكشف أزمة السيولة المتفاقمة أن البنية المصرفية ما تزال هشّة، ما يتطلب إعادة تأسيس أو إصلاح جذري لمنظومة التمويل العامة.

وفي خطوة لدعم القطاعات الإنتاجية، أصدرت المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء قرارًا، بتاريخ 7 نيسان/ أبريل، يقضي بخفض تعرفة الكهرباء للمناطق الصناعية المستثناة جزئيًا أو كليًا من التقنين، بنسبة بلغت 21%، ليصبح السعر 1500 ليرة سورية لكل كيلوواط ساعي. وأعلنت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، في 24 نيسان، فتح باب الاستثمار في المناطق الحرة السورية، محددة عددًا من المناطق الرئيسة لتلك الاستثمارات، من بينها دمشق ومطار دمشق وعدرا وحسياء وحلب واللاذقية وطرطوس، على أن يبدأ التسجيل اعتبارًا من 27 نيسان/ أبريل. وتشير هذه الخطوات إلى سعي الحكومة الجديدة لتقديم نفسها كدولة دعم اقتصادي موجه، تستهدف إعادة الثقة بالمناخ الاستثماري. ويبدو أن السياسة الاقتصادية الجديدة تحاول موازنة بين الانفتاح الاقتصادي وضبط مركزية القرار الإنتاجي.

في القطاع الزراعي، واجه مزارعو محافظة درعا أزمة حادة ناجمة عن ضعف معدلات الأمطار، ما أدى إلى تدهور جودة محاصيل القمح والشعير والبقوليات (مثل البازلاء والفول). واضطر العديد من المزارعين إلى الاعتماد على محركات الديزل لريّ أراضيهم من الآبار، في حين قام آخرون ببيع المحاصيل علفًا للمواشي، وهو ما ينذر بانخفاض كبير في الإنتاج الزراعي هذا الموسم.

على المستوى الدولي، صرّح الأمين العام المساعد للأمم المتحدة ومدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية، في 18 نيسان/ أبريل، بوجود محادثات جارية لاستئناف الدعم المالي لسورية من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، مشيرًا إلى مبادرة سعودية لتسديد ديون سورية المتراكمة لدى البنك الدولي، التي تقدّر بـ 15 مليون دولار، ووصفها بأنها خطوة تمهيدية للحصول على منح مالية جديدة لدعم جهود إعادة الإعمار. ويحمل تصريح الأمم المتحدة دلالة واضحة على الانفتاح الدولي الحذر تجاه السلطة الجديدة في سورية، ويشير إلى انتقال تدريجي من التعامل مع سورية كدولة منهارة إلى التعامل معها كدولة في طور إعادة البناء، ما يمنح الحكومة الجديدة نافذة للتفاوض على أسس التنمية لا السياسة فقط.

وأكد وزير المالية السوري أن بلاده لا تسعى حاليًا للحصول على قروض مالية من المؤسسات الدولية، بل تركّز على الاستفادة من الدعم الفني وبناء القدرات ضمن خطط الإصلاح الاقتصادي. وهذا يشير إلى رغبة السلطة الجديدة في تجنب الوقوع في فخ التبعية المالية، والتركيز على بناء كفاءات وطنية ومؤسسات حديثة، ويمكن تفسير هذا التوجه على أنه محاولة لكسب ثقة الداخل والمجتمع الدولي عبر نهج إصلاحي تدريجي.

وفي مؤشر على إعادة الاندماج المالي الدولي، شارك وفد سوري رسمي، لأول مرة منذ أكثر من عقدين، في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي المنعقدة في واشنطن ما بين 21 و26 نيسان/ أبريل، وذلك بهدف استكشاف آفاق الدعم واستعادة الحضور السوري في المنصات المالية العالمية.

وعلى الرغم من التقدم في الملفات الاقتصادية، ما تزال الأزمة الإنسانية في سورية مستمرّة. فقد أكد نائب منسق الشؤون الإنسانية للأزمة السورية، في 21 نيسان/ أبريل، أن أكثر من 16 مليون سوري ما زالوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، معظمهم من النساء والأطفال، ما يعكس حجم التحديات التي تعترض مسار التعافي، فما يزال البعد الإنساني يمثل التحدي الأكبر أمام الحكومة الجديدة، إذ يختبر المجتمع الدولي قدرة السلطة الجديدة على استيعاب الفئات الهشة، ويُعدّ توفير الإغاثة والمؤسسات الخدمية العادلة شرطًا أساسيًا لتثبيت أي شرعية محلية أو دولية.

على الصعيد العمراني، أجرى محافظ دمشق ماهر مروان زيارة تفقدية إلى مديرية “المرسوم 66″، لمتابعة تنفيذ مشروعي “ماروتا سيتي” و”باسيليا سيتي”، مؤكدًا التزام الحكومة بإزالة المعوقات أمام المستثمرين والمقاولين، والعمل على تلبية متطلبات المجتمع المحلي في إطار إعادة الإعمار الحضري. ويمثل مشروعا “ماروتا” و”باسيليا” امتدادًا لنهج بدأه النظام السابق، غير أن استكمالهما في العهد الجديد يتطلب وجود مقاربة مختلفة تراعي البعد الاجتماعي والتعويض العادل، والحقوق التي انتهكت في هذين المشروعين.

جدول أسعار المواد الغذائية في المحافظات بما يعادله بالدولار

شهدت أسعار عدد من المواد الغذائية الأساسية في نيسان/ أبريل 2025 تغيرات ملحوظة، مقارنة بها في آذار/ مارس الماضي، وذلك في محافظات (دمشق، حلب، حماة، إدلب). حيث انخفض سعر البيض بنسبة 16% في دمشق و15% في حلب، وانخفض سعر البصل بنسبة 23% في حلب، و14% في دمشق، وتراجعت البطاطا بنحو 10% في دمشق، و بنحو 3.5% في حلب. أما البندورة، فقد سجلت ارتفاعًا بنسبة 50% في حماة، وانخفضت في دمشق 36%. وارتفع سعر الخبز بنسبة تقارب 15% في جميع المحافظات، وذلك بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، وليس بسبب تغير سعره بالليرة السورية. وبقيت الأسعار مستقرة نسبيًا في إدلب، ما يشير إلى توازن في العرض والطلب المحلي. وإن هذه التغيرات تعكس تقلبات السوق السورية في ظل المرحلة الانتقالية، وتُظهر تفاوتًا في قدرة الإدارة الجديدة على ضبط الأسواق حسب المنطقة.

سجّلت أسعار الحديد انخفاضًا كبيرًا في نيسان/ أبريل، مقارنة بها في آذار/ مارس الماضي، حيث وصل إلى نحو 22.4% في إدلب، و15.7% في دمشق، ما يعكس تراجعًا في الطلب أو تسهيلات جديدة في الاستيراد. وتراجع سعر الإسمنت بنحو 8.3% في دمشق، بينما استقر في إدلب وارتفع قليلًا في حلب وحماة. وفي قطاع الطاقة، ارتفع سعر المازوت في دمشق بنسبة 6.4%، فيما انخفض في حلب وحماة. أما البنزين، فسجّل ارتفاعًا طفيفًا في دمشق 4.6% مقابل انخفاضه في حماة. وانخفض سعر الغاز المنزلي في حماة بنسبة 17.9%، وفي دمشق بـ 11%، فيما بقي ثابتًا في إدلب. وتعكس هذه التغيرات جهودًا لضبط الأسواق، مع تباين في قدرة المحافظات على تأمين الإمدادات.

سجلت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا في نيسان/ أبريل، مقارنة بها في آذار/ مارس الماضي، حيث وصل إلى 16% في دمشق و16.3% في حلب، في حين ارتفع بنسبة 15.4% في إدلب، ما يعكس زيادة الطلب على الملاذات الآمنة بفعل تقلبات السوق، فضلًا عن كون الارتفاع ارتفاعًا عالميًا. وارتفع أيضًا سعر صرف الدولار بنسبة 13.6% في حماة و12.3% في حلب، وكانت الزيادة محدودة في إدلب (+1.9%)، بسبب عدم زيادة الطلب على الليرة السورية هناك. وشهد اليورو زيادات مشابهة بلغت 18% في حلب، و16.3% في دمشق. وارتفع سعر صرف الليرة التركية بنسبة 13.6% في دمشق وحلب، وهو ما يظهر اتجاهًا عامًا نحو تراجع قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية. وتعكس هذه القفزات ضعف الاستقرار النقدي.

الخلاصة برزت مؤشرات اقتصادية عدة تشير إلى دخول سورية في مرحلة جديدة لإعادة تشكيل اقتصادها، حيث أظهرت تحركات إقليمية عدة (زيارة وزير التجارة التركي إلى دمشق، وتصريح الأمين العام المساعد للأمم المتحدة عن محادثات جارية مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والمبادرة السعودية القطرية من أجل تسديد ديون سورية وغيرها)، رغبة واضحة في إعادة بناء شراكات اقتصادية مع الحكومة الجديدة. وعلى المستوى الداخلي، أقرت إجراءات نقدية عدة لمواجهة أزمة السيولة الناتجة عن ازدياد الطلب على الليرة السورية، وذلك على الرغم من استمرار هشاشة البنية المصرفية. ويعدّ خفض سعر الكهرباء الصناعية، وفتح باب الاستثمار بشكل أكبر مما كان عليه من قبل، محاولةً مقبولة نوعًا ما لاستعادة الثقة الاستثمارية. أما على مستوى الأسواق، فقد شهدت أسعار الحديد والغاز انخفاضًا كبيرًا، في حين ارتفعت أسعار الذهب والعملات الأجنبية بنسبة تجاوزت 15%، الأمر الذي يشير إلى ضعف الاستقرار النقدي، وإلى تراجع قيمة الليرة السورية. وكذلك تأثرت أسعار الغذاء بتقلبات محلية، وبتفاوت في ضبط الأسواق بين المحافظات. وعلى الرغم من محاولات النهوض، فما تزال الأزمة الإنسانية حاضرة، وهذا يضع الإدارة الجديدة أمام اختبار في إنعاش الاقتصاد.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى