إعادة التفكير في جغرافيا الشرق الأوسط السياسية بعد سقوط نظام الأسد

الملخص
تتناول المقالة العواقبَ الجيوسياسية لسقوط نظام بشار الأسد في سورية، وتركّز على الديناميات المتغيرة بين القوى الإقليمية والعالمية. بعد سقوط الأسد في كانون الأول/ ديسمبر 2024، أخذت الجهات الفاعلة الرئيسة، مثل إيران وتركيا وإسرائيل والمملكة العربية السعودية، تُعيد تقييم استراتيجياتها نتيجة فراغ السلطة. وبينما يُضعف رحيل الأسد نفوذَ إيران الإقليمي، تسعى تركيا إلى تأكيد وجودها في شمال سورية، وتهدف المملكة العربية السعودية إلى مواجهة الهيمنة الإيرانية. ويُتيح انسحاب روسيا من سورية فرصًا جديدة للنفوذ الأميركي، في حين ينخرط الاتحاد الأوروبي والصين في جهود إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الأسد. ومن ثم تسلّط المقالة الضوء على التحديات المعقدة لإعادة إعمار سورية، وتشدّد على صعوبة إنشاء حكومة مستقرة وشاملة وسط التشرذم المستمر. ويستكشف التحليل في النهاية كيف سيُعيد سقوط الأسد تشكيلَ جغرافيا الشرق الأوسط السياسية (الجيوبوليتيك)، مع تداعيات عميقة على الاستقرار الإقليمي وعلى ديناميات القوة العالمية.
مقدمة
كان يوم 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024 تاريخًا مهمًا للغاية في التاريخ السوري، بل في تاريخ الشرق الأوسط برمته. فقد شهد هذا التاريخ سقوط حكومة بشار الأسد، بعد أكثر من نصف قرن من الحكم الاستبدادي لعائلة الأسد وحزب البعث المرتبط بها (Shaban, 2025). استولى حافظ الأسد على السلطة عام 1970 من خلال انقلاب عسكري دشّن نظامًا استبداديًا في ظل حزب البعث. وللحفاظ على هيمنة هذا النظام على الشعب السوري، اعتمد على جهاز أمني واسع النطاق وعلى تعاملات طائفية.
خلَف بشار الأسد والده عام 2000، وورث نظامًا استمرّ من خلال تجسيد فساد متجذّر وانتهاكات لحقوق الإنسان، رغم الآمال الأولية في الإصلاح، وورث جهاز دولة مبنيّ على هيمنة الأقلية العلوية. تاريخيًا، كان نظام الأسد متحالفًا مع الاتحاد السوفييتي ولاحقًا مع روسيا، وظلّ محافظًا على علاقات قوية مع إيران منذ الثمانينيات، ومن ثم ازداد الدعم الخارجي للأسد بشكل كبير بعد عام 2011، مع دعم عسكري ومالي مباشر من كل من إيران وروسيا (Phillips, 2020; Hamilton et al., 2020).
أدى الربيع العربي إلى ظهور موجةٍ من الاحتجاجات في جميع أنحاء المنطقة، في عام 2011، ومن ضمنها سورية، حيث قوبلت الدعوات إلى إصلاحات ديمقراطية بقمع عنيف، وأدى قمع نظام الأسد الوحشي للاحتجاجات، مدعومًا من إيران وروسيا، إلى اندلاع حرب طويلة الأمد، عملت على تدمير البلاد، وأفضت إلى تدخل دولي كبير، لكن الدعم الروسي والإيراني تضاءل بحلول أواخر عام 2024، إذ خفّضت روسيا، المنشغلة بحربها في أوكرانيا، نسبة وجودها العسكري في سورية، في حين واجهت إيران تحديات داخلية وتراجع نفوذها الإقليمي في ظلّ العقوبات الاقتصادية.
في أثناء هذا الصراع، ظهرت كثيرٌ من الجماعات المسلحة غير الحكومية، وأدى ذلك إلى تغيير كبير في مشهد قوات المعارضة. وكان من بين هذه الجماعات “هيئة تحرير الشام”، وهي إحدى الفصائل الأساسية من التحالف الذي أطاح الأسد في نهاية المطاف. كانت الظروف التي أدت إلى سقوط الأسد متعددة الأوجه، حيث شملت خليطًا من الهزائم العسكرية، وتراجع الدعم من الحلفاء التقليديين، وتزايد السخط بين السكان السوريين حتى في المناطق التي يسيطر عليها النظام. مع استيلاء هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى على مدن رئيسة، منها حلب ودمشق، لم يقتصر الأمر على تفكيك سيطرة النظام فحسب، بل حررت أيضًا كثيرًا من السجناء السياسيين، وزرعت الأمل لدى كثيرين في أن يتمكّنوا أخيرًا من محاسبة النظام على فظائعه.
تستكشف هذه المقالة الديناميات الجيوسياسية المتغيرة في الشرق الأوسط، في مرحلة ما بعد الأسد، وتبحث في أدوار القوى الإقليمية والدولية، وإعادة توجيه التحالفات، وتحديات بناء الدولة في سورية المجزأة.
إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية
تعيد إطاحة نظام الأسد تشكيلَ المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط بشكل كبير، وهو ما يُجبر القوى الإقليمية والعالمية، ومنها إيران وإسرائيل وتركيا والدول العربية وروسيا والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والصين، على إعادة تقييم تحالفاتها. بالنسبة لإيران، التي طالما عدّت سورية ركيزة أساسية في استراتيجيتها الإقليمية، فإنها تواجه انتكاسة كبيرة. فقد كانت شراكة إيران الاستراتيجية مع سورية حجر الزاوية في نفوذها الإقليمي، حيث يعتمد نفوذها في المشرق العربي كثيرًا على وصولها إلى سورية التي كانت جسرًا بريًا لنقل الأسلحة إلى حزب الله، وحاجزًا ضد العدوان الإسرائيلي (Solomon, 2016; Risseeuw, 2018). قد تؤدي خسارة الأسد إلى إضعاف موقف إيران الإقليمي، وهو ما قد يشجع خصومها، ومن ضمنهم المملكة العربية السعودية وإسرائيل. وردًّا على ذلك، قد تبحث طهران عن طرق أو حلفاء بديلين، مثل تعميق وجودها في العراق، أو توسيع التعاون مع الصين وروسيا، أو حتى تحسين العلاقات مع دول خليجية معينة. ومع ذلك، فإن خسارة دمشق تُضعف إلى حد كبير “محور المقاومة”، وتغيّر التوازن الإقليمي ضد المصالح الإيرانية.
حافظت إسرائيل على خط حذر في ما يتعلق بنظام الأسد، تنظر إليه كخصم يمكن التنبؤ بسلوكه، مقارنةً بفوضى الحرب الأهلية. صحيحٌ أن سقوط الأسد يضعف إيران وحزب الله، إلا أنه يطرح أيضًا تحديات جديدة، ولا سيما الخطر المتمثل في أن تملأ الفصائل الإسلامية السنيّة فراغ السلطة. ويبدو أن إسرائيل بدأت تستشعر الخطر القادم من سورية، وهذا ما دفع نتنياهو إلى التصريح بأن سقوط نظام الأسد ليس في مصلحة إسرائيل. تتوسع إسرائيل الآن في جنوب سورية، وتحتلّ مزيدًا من الأراضي، وتقول إنها تريد أن يكون جنوب سورية خاليًا من أي وجود عسكري سوري. ولم تقتصر تدخلات إسرائيل على احتلال أراضٍ جديدة، وإنما تهاجم السوريين في الأراضي المحتلة حديثًا، فقد قتل جيشها ستة أشخاص في درعا في نهاية آذار/ مارس (Reuters, 2025). ومن المرجح أن تتخذ إسرائيل نهج الانتظار والترقب [هي الحالة التي يكون فيها شخص/ كيان ما غير متأكد مما يجب فعله، حيث يقرر الانتظار قبل اتخاذ أي إجراء. م.] وتعزز دفاعاتها وهي تقوم بتقييم المناطق السورية الجديدة.
تبرز تركيا، وهي طرف محوري في الصراع السوري، كمستفيد محتمل من سقوط الأسد، حيث لا يزال لديها مصالح استراتيجية في شمال سورية. كان تدخل أنقرة متعدد الأوجه، حيث شمل دعم فصائل المعارضة والعمليات العسكرية التي تستهدف الجماعات الكردية في شمال سورية. هدفت تدخلات تركيا منذ عام 2016 إلى مواجهة الميليشيات الكردية، مثل وحدات حماية الشعب (YPG)، وهي مكوّن رئيس مما يسمى “قوات سوريا الديمقراطية”، الأمر الذي يعكس هدفها الأوسع المتمثل في منع إقامة حكم ذاتي كردي على طول حدودها الجنوبية. قد يسمح انهيار نظام الأسد لتركيا بتعزيز نفوذها في شمال سورية، ولكنه قد يؤدي إلى صدامات مع جهات فاعلة أخرى، منها روسيا والولايات المتحدة الأميركية، اللتان تدعمان قوات سوريا الديمقراطية.
تمتد طموحات تركيا إلى أبعد من ذلك، حيث تسعى إلى إنشاء قواعد عسكرية جديدة في سورية، ولا سيما استهداف قاعدة تياس الجوية الاستراتيجية (T4) وسط سورية. وقد أثار هذا التوسع القلق في إسرائيل، التي تنظر أكثر فأكثر إلى نفوذ تركيا المتزايد على أنه تهديد مباشر أكثر من إيران. وقد يؤدي إنشاء قاعدة جوية تركية محتملة في سورية إلى الإخلال بالتوازن الإقليمي، ويزيد من تعقيد حسابات إسرائيل الاستراتيجية (Middle East Eye, 2025; Türkiye Today, 2025). ربما دفعت هذه المخاوف إسرائيل إلى قصف قاعدة (T4)، مرسلةً بذلك إشارة إلى تركيا برفضها التمدد التركي في سورية.
ظهرت حديثًا توترات بين تركيا وإيران حول سورية، إذ حدث تبادل للتصريحات بين الجانبين، بعد أن حذر وزير الخارجية التركي إيران لدعمها قوات سوريا الديمقراطية، وهذا يشير إلى وجود خلاف عميق بين البلدين حول ما يحدث حاليًا في سورية (Abdulrazak, 2025). تسلّط طموحات تركيا في سورية الضوء على الأجندات المتنافسة التي تعقّد جهود السلطة السورية الجديدة لتحقيق الاستقرار في مرحلة ما بعد الأسد.
تشكّل إطاحة نظام الأسد فرصةً استراتيجية للمملكة العربية السعودية لإضعاف نفوذ إيران الإقليمي، وذلك من خلال تفكيك “محور المقاومة” وتعزيز الحكم السنّي في سورية. الرياض مستعدّة للاستثمار في إعادة الإعمار، من أجل تشكيل الديناميات السياسية، إلا أن هذه المقاربة تنطوي على خطر تفاقم التوترات الطائفية، لا سيما إذا فشلت هيئة تحرير الشام (هتش) في تشكيل حكومة شاملة، أو إذا اشتد التنافس مع تركيا على شمال سورية. تهدف الجهود السعودية الساعية لتطبيع العلاقات مع السلطات السورية الجديدة، والتعاون مع مصر والإمارات العربية المتحدة، إلى موازنة الطموحات التركية والإيرانية، على الرغم من أن التمدد المفرط لتركيا لا يزال مصدر قلق.
وبعيدًا عن الاعتبارات الجيوسياسية والطائفية، لدى السعودية مخاوف أيديولوجية من جماعات مثل “هيئة تحرير الشام” وفصائل المعارضة الأخرى في سورية. تاريخيًا، تنظر الرياض إلى الحكومات التي يقودها الإسلاميون بعين الريبة، معتبرةً أنها تشكّل مصدر تهديد محتمل للاستقرار الإقليمي ولأمنها القومي. على الرغم من هذه المخاوف، تدرك المملكة العربية السعودية المزايا الاستراتيجية، لا سيما من خلال أحمد الشرع، الرئيس الانتقالي السوري، الذي وُلد في المملكة العربية السعودية، الأمر الذي يعزز العلاقات الشخصية التي قد تُسهّل العلاقات الدبلوماسية. وقد عُززت هذه العلاقة من خلال الزيارة الخارجية الأولى التي قام بها الشرع إلى الرياض في شباط/ فبراير 2025، حيث التقى الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، لمناقشة التعاون في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والتعليم والصحة، وهو ما يشير إلى الدور المحوري للمملكة العربية السعودية في إعادة إعمار سورية وإعادة إدماجها في المنطقة.
عززت قطر دورها كلاعب رئيس في تحديد مسار سورية في مرحلة ما بعد الأسد، مستفيدة من دعمها السابق لفصائل المعارضة المختلفة وقربها من تركيا. وعلى عكس المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين تعطيان الأولوية لمواجهة إيران وتعزيز الحكم العربي السني، ركّزت قطر على دعم وتعزيز الجماعات ذات الميول الإسلامية، لتأمين نفوذها في شمال غرب سورية. ويهدف الدعم المالي الذي تقدّمه الدوحة لخطط إعادة الإعمار -مقترنًا بعلاقاتها الدبلوماسية مع تركيا- إلى تعزيز نموذج حكم يمزج بين الإدارة البراغماتية والإسلام السياسي، في تكرار لدعمها السابق لجماعة الإخوان المسلمين في مصر وليبيا. تعكس هذه الاستراتيجية طموح قطر الأوسع في تنصيب نفسها وسيطًا بين الحركات الإسلامية في الشرق الأوسط والقوى الغربية. انتقدت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة منذ زمنٍ هذه المقاربة، لا سيما منذ الانتفاضات العربية في عام 2011، حيث تعدّان سياسات الدوحة مزعزعة للاستقرار.
القلق الأساسي لمصر هو الاستقرار، مع التركيز على كبح التهديدات الجهادية في سيناء وإدارة تدفقات اللاجئين من خلال جهود المساعدات الدولية. وتسعى مصر إلى لعب دور الوساطة في المرحلة الانتقالية في سورية، من أجل تعزيز مكانتها الإقليمية، وتأمين مصالحها الاقتصادية مثل طرق التجارة في البحر الأحمر. وقد اعتمدت دول عربية أخرى مثل الإمارات العربية المتحدة والأردن استراتيجيات براغماتية، فقد تسعى الإمارات العربية المتحدة إلى الهيمنة الاقتصادية في إعادة إعمار سورية لتوسيع نفوذها الاقتصادي، مع التصدّي في الوقت نفسه للطموحات التركية والإيرانية، في حين يُعطي الأردن الأولوية للمناطق العازلة لحماية حدوده.
عمومًا، ترغب الدول العربية في تطبيع العلاقات مع سورية، لدمج نظام ما بعد الأسد في الهياكل الدولية، وربما لتشكيل كتلة سنّية لمواجهة الخصوم غير العرب. ومع ذلك، يعتمد النجاح على تحقيق التوازن بين استثمارات إعادة الإعمار واحتواء المنافسات الطائفية والجيوسياسية التي يمكن أن تشعل من جديد عدم الاستقرار الإقليمي.
القوى العالمية وفراغ السلطة في سورية
يعيد سقوط الأسد أيضًا تشكيل تدخّل القوى العالمية وتورطها في الشرق الأوسط، ولا سيما دور كل من روسيا والولايات المتحدة الأميركية. فروسيا، التي تدخلت عسكريًا عام 2015 لدعم الأسد، تواجه تحديًا كبيرًا لنفوذها الإقليمي، فقد كانت سورية في قلب الاستراتيجية الروسية في الشرق الأوسط، ما أتاح لها الوصول إلى قواعد عسكرية في طرطوس وحميميم، وسمح لها بتوسيع نفوذها في البحر الأبيض المتوسط (Charap et al., 2019). يعكس انسحاب روسيا من سورية تعديلًا واسع النطاق في استراتيجيتها في الشرق الأوسط، وقد يُجبر انهيار الأسد روسيا على التفاوض مع السلطة السورية الجديدة أو المخاطرة بتقليص وجودها في البلاد. ومع ذلك، فإن علاقات موسكو مع بعض الفصائل قد تساعدها في الحفاظ على نفوذها على الرغم من سقوط النظام. لقد عملت روسيا منذ فترة طويلة على وضع نفسها كوسيط أساسي، وإدارة العلاقات مع إيران وتركيا وإسرائيل وحكومة الأسد. ومع ذلك، فإن إطاحة الأسد أضعفت مكانتها كحامٍ موثوق للأنظمة الحليفة. صحيح أنها لا تزال تحتفظ بأصول استراتيجية في سورية، إلا أن قدرتها على تشكيل الأحداث قد تقلصت كثيرًا، ما قد يخلق فرصة للولايات المتحدة لاستعادة نفوذها في المنطقة.
ترى الولايات المتحدة، التي تعمل ببطء على تقليص وجودها العسكري في سورية، في تغيير النظام فرصة لتوسيع نفوذها الإقليمي، من دون تخصيص موارد عسكرية كبيرة لهذه العملية. وفي هذا السياق، تهتم الولايات المتحدة بالعمل مع الشركاء الإقليميين، ومنهم السعودية والإمارات وإسرائيل ومصر، لمنع إيران من توطيد علاقاتها مع روسيا والصين، ولتعزيز التحول نحو تحالفات أكثر ملاءمة داخل المنطقة. لقد كان الصراع السوري مسرحًا للتنافس والتعاون بين الولايات المتحدة وروسيا في بعض الأحيان، لا سيّما في تنسيق العمليات الجوية لمنع المواجهات العسكرية المباشرة (Ferdinando, 2015). دعمت الولايات المتحدة القوات المناهضة للأسد، بهدف الحد من النفوذ الإيراني والروسي، في حين دعمت موسكو النظام لتأمين موطئ قدم استراتيجي لها في البحر الأبيض المتوسط.
سيؤدي سقوط الأسد إلى تغيير هذه الدينامية، فقد تخسر روسيا قاعدتها البحرية في طرطوس، وهي تكافح من أجل الحفاظ على أهميتها في الشرق الأوسط، وقد تكتسب الولايات المتحدة نفوذًا، ولكن عليها أن تتعامل مع التحديات التي تواجهها في دورها لتحقيق الاستقرار في سورية ما بعد الأسد. لا تزال الولايات المتحدة حذرة بخصوص ما يحدث في سورية، وقد تجلى ذلك بوضوح في رفضها التوقيع على اتفاق باريس لدعم المرحلة الانتقالية في سورية، في شباط/ فبراير الماضي (France Diplomacy, 2025). وينبع هذا التحفظ من سيطرة هيئة تحرير الشام على الحكومة في سورية. وعلى الرغم من إعلان هيئة تحرير الشام عن حلّ نفسها، إلى جانب حلّ جميع الفصائل الأخرى، يبدو أن الهيئة لا تزال موجودة. وقد يعقّد تصنيف الولايات المتحدة الأميركية لهيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية، التفاعل مع القيادة السورية الجديدة إذا ما بقي للهيئة دورًا مهمًا. يمكن أن يؤثر ارتباط أحمد الشرع بهيئة تحرير الشام أو غيرها من الجماعات الإسلامية على اعتراف الولايات المتحدة ودعمها، وقد تشترط الولايات المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية المشاركة والمساعدة أن تكون الحكومة السورية المؤقتة شاملة ومعتدلة، مع التشديد على استبعاد العناصر المتطرفة.
في الوقت نفسه، للاتحاد الأوروبي مصلحة راسخة في منع المزيد من عدم الاستقرار في سورية، وذلك لقربها من أوروبا ولأزمة اللاجئين المستمرة. وقد استرشد الاتحاد الأوروبي في مقاربته تجاه سورية بالمخاوف الإنسانية من ناحية، وبالحاجة إلى وقف تدفقات الهجرة من ناحية أخرى. يمكن أن يخلق سقوط الأسد فرصًا جديدة لمشاركة الاتحاد الأوروبي، لا سيما في دعم جهود إعادة الإعمار، ولكن مثل هذه المشاركة ستكون محفوفة بالمخاطر، ويجب بالضرورة أن تكون منسقة مع الجهات الفاعلة الأخرى، وأن يكون لها استراتيجية واضحة لمعالجة الانقسامات الطائفية والسياسية. لقد طوّر الاتحاد الأوروبي سياسة لسورية تتماشى مع بعض أهداف الولايات المتحدة، لكنها تحافظ على استقلالية واضحة، لا سيما في التمويل والعقوبات والمشاركة الدبلوماسية والهجرة. وفي أعقاب سقوط نظام الأسد، علّق الاتحاد الأوروبي كثيرًا من الإجراءات التقييدية في شباط/ فبراير 2025، لتسهيل التعافي الاقتصادي لسورية، على النقيض من المقاربة الأميركية ذات الشروط الأكثر من أجل تخفيف العقوبات.
على الصعيد الدبلوماسي، نظّم الاتحاد الأوروبي مؤتمرًا للمانحين في بروكسل، في آذار/ مارس 2025، حيث تم تأمين ما يقرب من (6.5) مليار دولار أميركي كمساعدات لإعادة إعمار سورية. أما في ما يتعلق بالهجرة، فقد أوقفت بعض دول الاتحاد الأوروبي طلبات اللجوء للسورييين ريثما يتم إجراء تقييمات أمنية، ولكن لا توجد خطة فورية للترحيل، مع التأكيد على الحاجة إلى ظروف عودة آمنة وكريمة. وتؤكد هذه المقاربة متعددة الأوجه على التزام الاتحاد الأوروبي بمعالجة الأزمة السورية، بما يتماشى مع مصالحه الإقليمية ومبادئه الإنسانية، إلا أن قدرة الاتحاد الأوروبي على التأثير في النتائج في سورية مقيدة، بسبب نفوذه العسكري المحدود وانقساماته الداخلية حول اللاجئين والسياسة الخارجية.
قد تسعى الصين، وهي لاعبٌ صاعد في الشرق الأوسط، إلى توسيع نفوذها في سورية ما بعد الأسد، فقد حافظت دمشق وبكين على علاقات وثيقة في عهد الأسد، حيث استخدمت الصين حق النقض (فيتو) ضد 10 قرارات أممية تنتقده. وتعهدت بتقديم مساعدات لإعادة الإعمار، حيث زادت الدعم من (500) ألف دولار عام 2016 إلى (54) مليون دولار عام 2017، وتبرعت بـ (800) مولد كهرباء لمدينة اللاذقية عام 2018، واستثمرت نحو (3) مليارات دولار في النفط والغاز السوري (Aljazeera, 2024). وكجزء من مبادرة الحزام والطريق، استثمرت الصين في مشاريع البنية التحتية في جميع أنحاء المنطقة. ويمكن لموقع سورية الجغرافي أن يجعلها شريكًا جذابًا لجهود إعادة الإعمار. انضمت سورية رسميًا إلى مبادرة الحزام والطريق في كانون الثاني/ يناير 2022، بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي مع الصين والدول المشاركة الأخرى. ومع ذلك، لم تُطلق حتى الآن مشاريع بنية تحتية مهمّة في سورية في هذا الإطار (تجارة تصدير الأغذية، 2022). وخلافًا للاعبين الآخرين مثل روسيا وتركيا والولايات المتحدة الأميركية، لم يكن للصين دور عسكري مباشر في سورية، ولذلك، فإن دور الصين مدفوع على الأرجح بأجندتها الاقتصادية أكثر من اهتمامها بالتوسط في النزاعات السياسية، وهو ما يحول دون لعبها دورًا في تشكيل الهيكل السياسي المستقبلي لسورية.
نظام جديد في الشرق الأوسط: الآفاق الجيوسياسية في مرحلة ما بعد الأسد
يعدّ سقوط نظام الأسد نقطة تحوّل كبيرة بالنسبة لسورية، ويشكل تحولًا مهمًا في جغرافيا الشرق الأوسط السياسية، حيث يعرقل الخصومات الراسخة منذ فترة طويلة، مثل الدينامية بين الولايات المتحدة وروسيا، ويكشف في الوقت نفسه حدود النفوذ الخارجي، ويضع الجهات الفاعلة السورية في قلب عملية تشكيل مستقبل البلاد. وبينما تعيد القوى الإقليمية تقييم استراتيجياتها، فإن مشهد ما بعد الأسد سيتطلب مقاربات براغماتية للتعايش. وبالنسبة للقيادة السورية، سيكون التحدي الرئيس هو تعزيز الحكم الشامل/ التشاركي الذي يستوعب التنوع السكاني في البلاد، والتخفيف من مخاطر عدم الاستقرار والأزمات الإنسانية التي قد تطول. ويمكن لاستراتيجية جيدة التنفيذ أن تمهد الطريق لإطار جيوسياسي أكثر مرونة، حيث تكون الأولوية للتعاون على الصراع.
ومع ذلك، فإن انسحاب القوات الإيرانية ووكلائها، وتفكّك الأجهزة الأمنية التابعة للأسد، وتقلّص الدور الروسي يمكن أن يخلق فراغًا في السلطة يؤدي إلى تدخلات متنافسة. ويمكن أن تنضم تركيا ودول الخليج العربية إلى القوى الغربية، في تحالفٍ لمعالجة الأزمة الإنسانية في سورية ومنع عودة التطرف. ومع ذلك، قد تؤدي هذه الجهود إلى تفاقم التوترات القائمة. فعلى سبيل المثال، قد تتعارض تطلعات تركيا في شمال سورية، التي تشمل الجهود الرامية إلى كبح جماح الحكم الذاتي الكردي، مع تركيز دول الخليج العربية على عزل إيران، وعزم الولايات المتحدة على تمكين قوات سوريا الديمقراطية في حربها ضد تنظيم (داعش)، ومصلحة روسيا في الحفاظ على وجودها العسكري في المنطقة. وفي الوقت نفسه، قد تؤدي الكارثة الإنسانية إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة، ما يجعل من مساعدات إعادة الإعمار رافعة جيوسياسية حاسمة. قد يستخدم بعض اللاعبين الإقليميين، مثل قطر والإمارات العربية المتحدة، وسائلهم المالية لهندسة الحكم في سورية ما بعد الصراع، لكن الرؤى المتنافسة لمستقبل سورية السياسي (نماذج مركزية أو لا مركزية، على سبيل المثال) من المرجّح أن تزيد من حدة الاحتكاكات القائمة. يجب تحقيق التوازن الصحيح بين الاستقرار والسيادة، لأسباب ليس أقلها أن الجهات الفاعلة الخارجية تخاطر بإعادة إنتاج الأخطاء التاريخية، وتفضيل الالتزام قصير الأجل بالأمن ومحاربة التطرف على المشاركة طويلة الأجل لدعم إعادة الإعمار المؤسسي والتنمية.
ستكون السمة المميزة لهذا النظام الجديد هي أولوية القضايا الإقليمية في حسابات السياسة الخارجية، إذ ستصبح مكافحة الإرهاب وأمن الحدود وإعادة الإعمار شريان الحياة للسياسة الخارجية لجميع الأطراف الفاعلة ذات الصلة. توفّر تكلفة إعادة إعمار سورية، التي تقدر بما يراوح بين (400 -1000) مليار دولار (Asseburg, 2020, p.17)، فرصةً لدول الخليج لممارسة النفوذ من خلال الاستثمار، وهو ما قد يطغى على دور مصر بسبب مواردها المحدودة، لكن التبدّل السريع في التحالفات -التطبيع الخليجي الأخير مع الأسد والعلاقات متزايدة الدفء بين تركيا وروسيا، على سبيل المثال- يكشف عن توازن هشّ معرض لسوء التقدير. وهكذا، يمكن أن يتأرجح الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد الأسد، بين إطار تعاوني تتحالف فيه القوى لتحقيق الاستقرار في سورية ومكافحة التطرف، وبين صراع تنافسي يعمّق الخصومات الانقسامات الطائفية والإقليمية. ويبقى أن نراقب الجهات الفاعلة الإقليمية هل ستختار العمل لصالح الاستقرار الجماعي أم المكاسب الفردية في النظام الجديد، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل الوصول إلى توازن عملي في ظل استيعاب اللاعبين في المنطقة لمدى التغيير.
تلعب تركيا دورًا أساسيًا في هذا النظام الجديد، مستخدمةً وجودها العسكري في شمال غرب سورية ودعمها لفصائل المعارضة لممارسة نفوذها على دولة ما بعد الأسد المجزأة. إن تركيز أنقرة على تقليص الحكم الذاتي الكردي يصبّ في مصلحة أمنها القومي، لكنه قد يتعارض مع دول عربية مثل السعودية التي تعطي الأولوية للقضاء على النفوذ الإيراني المتبقي. وعلى الرغم من أن رحيل الأسد قد أضعَف إيران، فمن غير المرجح أن تتخلى عن موطئ قدمها بالكامل، وقد تضاعف بدلًا من ذلك الرهان على شبكات الميليشيات للحفاظ على نفوذها في سورية ولبنان. وقد شكّل ذلك توترًا ثلاثيًّا بين تركيا وإيران، كما ذكرنا سابقًا، وقد يشكل أيضًا توترًا مع الخليج، حيث إن السعودية حريصة على إعادة تأطير سورية، من خلال الدعم الاقتصادي والدعم السياسي للجماعات السنّية. وفي الوقت نفسه، قد يؤدي تراجع موقف روسيا (المحدود بسبب تركيزها على أوكرانيا) إلى انسحابها من قاعدتها في طرطوس، ما قد يمهّد الطريق للقوى الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية، لإعادة الانخراط، ربما من خلال تعزيز دور القوات الكردية في الشمال الشرقي.
تُعدّ القضية الكردية قضيةً رئيسةً، حيث إن الجهود الرامية إلى تحقيق الحكم الذاتي في شمال شرق سورية تُهدد بإشعال التوترات بين الأتراك والأكراد، في جميع أنحاء المنطقة. وقد يشكّل سقوط نظام الأسد ضربةً أخرى للنزعة الاستبدادية، ما قد يؤدي إلى تمكين الحركات الشعبية في جميع أنحاء المنطقة التي تتحدى الوضع الراهن وتعيد تشكيل الدولة والمجتمع العربي. وعلى الرغم من أن القوى الإقليمية جعلت من وحدة الأراضي أولوية معلنة، فإن التدخلات المتنافسة يمكن أن تؤدي عمليًا إلى تقسيم سورية إلى مناطق نفوذ، ما يضاعف من عدم الاستقرار في جميع أنحاء المشرق. ومن ثم فإن النظام الجديد سيعكس توازنًا هشًا؛ فالتحالفات المؤقتة تعالج حالات الطوارئ قصيرة الأجل، ولكنها لا تستطيع معالجة الدوافع البنيوية للحرب.
في ظل هذه البيئة، سيتوقف المستقبل الجيوسياسي للشرق الأوسط على مدى قدرة الدول على النهوض لتلبية متطلبات الأمن الجماعي التي لا يمكن التنبؤ بها -أو الدخول في حقبة جديدة من التحالفات المحطَمة/ المهشمة. ولا يبدو أن الاتفاق، الموقَّع في دمشق بين الرئيس السوري وقائد قوات سوريا الديمقراطية في 10 آذار/ مارس، قابلٌ للاستمرار على المدى الطويل، فحتى الآن، لم تتَخذ خطوات ملموسة نحو تنفيذ بنوده، إذ تواصل قوات سوريا الديمقراطية استهداف المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، ولا سيما القريبة من خطوط الجبهة، من دون أن تظهر أي مؤشرات جدية على التزامها بتنفيذ الاتفاق. ويبدو أن هذا الاتفاق لم يكن مبنيًا على تفاهمات استراتيجية عميقة، بل أتى كاتفاق ضرورة، حيث احتاج الطرفان إلى تهدئة مؤقتة لكسب مزيد من الوقت. تسعى قوات سوريا الديمقراطية إلى إعادة ترتيب أوضاعها والتأقلم مع الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة ترامب، في حين تحاول الحكومة السورية استيعاب تداعيات الأحداث الأخيرة في الساحل السوري وإعادة فرض سيطرتها السياسية والأمنية. وبالنظر إلى هشاشة أساس الاتفاق والتوترات والاشتباكات المستمرة، يبدو أن فرص صمود الاتفاق ضئيلة، ما لم تحدث تحولات جوهرية في المواقف أو ضغوط خارجية تدفع الطرفين إلى الالتزام الحقيقي بتنفيذ الاتفاق.
من غير المرجح أن يتضمن دور الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد الأسد انخراطًا عميقًا، بل إعادة تقييم استراتيجي، سعيًا إلى تحقيق التوازن بين الأولويات التقليدية -مواجهة النفوذ الإيراني وتحقيق الاستقرار للحلفاء وهزيمة التطرف- مقابل تراجع الرغبة في القيام بعمليات عسكرية مباشرة. وفي تنافس القوى العظمى مع روسيا والصين، ستستخدم واشنطن التحالفات (مثل دول الخليج وإسرائيل) والعقوبات والبنى متعددة الأطراف، لتحديد شكل إعادة إعمار سورية والحكم فيها، مع التسامح مع حكم ذاتي كردي محدود في سورية، لمنع عودة تنظيم الدولة الإسلامية فيها، بغض النظر عن الاعتراضات التركية. ومع ذلك، فإن قدرتها على فرض قوتها ستكون مرهونة ببناء تحالفات براغماتية ومساعدات مشروطة ومشاركة دبلوماسية، والتفاوض على التناقضات مثل سياسة تركيا المستقلة في سورية وعلاقات دول الخليج مع موسكو.
تبقى العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة أداةً قويةً في تشكيل سورية ما بعد الأسد. وقد تستمر هذه العقوبات، المصممة لمعاقبة نظام الأسد وداعميه، للضغط على السلطات السورية الجديدة، خاصة إذا بقيت هيئة تحرير الشام تهيمن. وقد تقوم الولايات المتحدة بتعديل العقوبات لتحفيز الحكم الشامل، وتقديم الإغاثة كورقة مساومة، على الرغم من أن هذا يعتمد على استعداد النظام الجديد للاصطفاف مع المصالح الغربية. تتوقف إمكانية أن تؤدي العقوبات إلى استقرار سورية، أو زعزعته، على معايرتها والسياق الجيوسياسي الأوسع. ستظل الولايات المتحدة لاعبًا رئيسًا غير مباشر في الجغرافيا السياسية الجديدة للمنطقة، معتمدة على القوة الناعمة والحوكمة الاقتصادية، والتشكيل البارع للتحالفات لحماية مصالحها في سياق مجزأ متعدد الأقطاب.
شكّل انهيار نظام الأسد لحظةً حاسمةً تفرض علينا إعادة التفكير في جغرافيا الشرق الأوسط السياسية، فهو يقلب التحالفات القائمة منذ فترة طويلة رأسًا على عقب، ويفتح الباب أمام تحالفات جديدة للقوى ويسلّط الضوء على هشاشة الدول في المنطقة، وقد يخاطر بإطلاق العنان لصراعات جديدة وتفاقم حالة عدم الاستقرار، حتى وإن كانت إزاحة الأسد ستضعف إيران وروسيا. إن انخراط الجهات الفاعلة الخارجية، سواء من خلال التدخل العسكري أو المساعدة الاقتصادية أو المشاركة الدبلوماسية، سيُحدد مسار سورية ما بعد الأسد، ومن ثم شكل المنطقة ككل.
الخاتمة
توفّر حقبة ما بعد النظام فرصة فريدة لإعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط، ولكنها ستتطلب ضبطًا دقيقًا fine-tuning للمصالح. إنّ إنشاء حكومة سورية مستقرة وشاملة للجميع أمرٌ ضروري لتعافي البلاد، ولتعافي النظام الإقليمي أيضًا. ويمكن لهذا الانتقال، إذا ما تم التعامل معه بشكل صحيح، أن يخلق بيئة أكثر تعاونًا بكثير، بيئة تحلّ فيها البراغماتية محلّ الطائفية والتنافس بين القوى العظمى. وقد تؤدي الأخطاء إلى تعميق الانقسامات القائمة، وإلى إطالة أمد حالة عدم الاستقرار، وإعاقة الجهود المبذولة للاستجابة للتحديات الإنسانية والأمنية التي طالما عانتها المنطقة. إنّ تفاعل هذه العوامل سيُحدد مصير الشرق الأوسط: هل سيخرج بنظام أكثر مرونة أم سيعود إلى أنواع جديدة من التشرذم! وسوف تنطوي أي عملية انتقالية في مرحلة ما بعد الأسد على اعتبارات إنسانية معقّدة، وستعتمد إمكانية عودة اللاجئين على ظهور الأمن والحكم المستقر، وستكون مطالب إعادة الإعمار هائلة، وربما يدفع ذلك القوى الخارجية إلى الميل إلى تقديم المساعدة المالية.
من المرجّح أن تعيش منطقة الشرق الأوسط، في مرحلة ما بعد الأسد، فترة طويلة من عدم الاستقرار قبل أن ينشأ توازن جديد، مع تداعيات تمتدّ إلى ما هو أبعد من حدود سورية، وتشكّل السياسة الإقليمية لعقود قادمة.
المراجع
- Abdulrazzak S. 2025. Tensions rise between Türkiye and Iran after Fidan warns of destabilizing Syria. Middle East Newspaper, Available at: تصاعد التوتر بين تركيا وإيران بعد تحذير فيدان من زعزعة استقرار سوريا.
- Aljazeera. 2024. Al-Assad’s fall in Syria: What’s at stake for China? Retrieved from: Al-Assad’s fall in Syria: What’s at stake for China? | Syria’s War News | Al Jazeera.
- Asseburg M. 2020. Reconstruction in Syria, Challenges and policy options for the EU and its member states. Stiftung Wissenschaft und Politik, Berlin.
- Charap S, Treyger E and Geist E. 2019. Understanding Russia’s Intervention in Syria. RAND, Research Report, Available at Understanding Russia’s Intervention in Syria | RAND.
- Ferdinando L. 2015. U.S., Russia sign memorandum on air safety in Syria. U.S. Department of Defence, Available at: U.S., Russia Sign Memorandum on Air Safety in Syria > U.S. Department of Defense > Defense Department News.
- Food Export Trade. 2022. Syria joined China’s Belt and Road Initiative. Retrieved from: Syria joined China’s Belt and Road Initiative.
- France Diplomacy. 2025. Paris Conference on Syria – Joint statement (13 February 2025). Retrieved from: Paris Conference on Syria – Joint statement (13 Feb. 2025) – Ministry for Europe and Foreign Affairs.
- Hamilton R., Miller S. and Stein A. 2020. Russia’s intervention in Syria: Historical and geopolitical context. Foreign Policy Research Institute, Philadelphia.
- Middle East Eye. 2025. Turkey moves to take control of Syria’s strategic T4 air base. Retrieved from: Turkey moves to take control of Syria’s strategic T4 air base: Sources | Middle East Eye.
- Philips C. 2020. The battle for Syria: International rivalry in the New Middle East. Yale University Press.
- Risseeuw R. 2018. The Syrian-Iranian nexus: A historical overview of strategic cooperation. Brussel International Center or Research and Human Rights, Brussel.
- Reuters. 2025. Israel kills six in southern Syria, Syrian ministry says. Retrieved from: Israel kills six in southern Syria, Syrian ministry says | Reuters.
- Shaban F. 2025. Integrating Returning Refugees into Syria’s Education System: A Proposed Strategy Based on Post-Conflict Experiences. Case Analysis, Harmoon Center for Contemporary Studies, Available at: Integrating-Returning-Refugees.pdf.
- Türkiye Today. 2025. Türkiye moves to establish air base in Syria’s T4 despite recent Israeli strikes. Retrieved from: Türkiye moves to establish air base in Syria’s T4 despite recent Israeli strikes – Türkiye Today.
- Solomon J. 2016. The Iran wars: Spy games, bank battles, and the secret deals that reshaped the Middle East. Brandom House, New York.